ارشيف من : 2005-2008
الجريء
الانتقاد/خلف القناع ـ العدد 1132 ـ 21/تشرين الاول 2005
جاء فوز المسرحي البريطاني العبثي هارولد بينتر بجائزة نوبل للآداب ليخالف كل التوقعات التي وضعتها وسائل الإعلام في الأيام السابقة لإعلان الأكاديمية الأسوجية، التي اختصرت حيثيات منحه الجائزة بأنه "يكشف الهوّة الكامنة تحت الثرثرة اليومية، ويفرض دخول غرف القمع المغلقة".
ويضيف بيان الأكاديمية السويدية بالقول: "يعيد بينتر المسرح إلى قاعدته الأساسية, الغرفة المغلقة والحوار غير المتوقع، حيث تتواجه الكائنات في ما بينها وحيث تتحطم الأقنعة. من خلال حبكة صغيرة تنبثق الدراما من النضال، ومن عملية الاختفاء في المواجهة الكلامية". ويمضي بيان الأكاديمية في وصف مسرح هارولد بينتر: "في مسرح بينتر النموذجي نجد أناساً يدافعون عن أنفسهم ضد التدخلات الخارجية أو ضد نبضهم الخاص، محتمين داخل وجود مصغر ومراقب. كما أن هناك موضوعة رئيسية في عمله: سمة الماضي الهاربة والمتعذر إمساكها".
سيرة
وُلد هارولد بينتر في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1930، ومن محاسن الصدف أن تأتي الجائزة كهدية بمناسبة عيد ميلاده الخامس والسبعين.
كان والده متواضعاً يكسب قوته بعرق جبينه في حي "هاكني" بمنطقة "إيست أند"، أحد أحياء لندن الشعبية والصناعية. هناك نشأ الطفل هارولد وترعرع وحيداً في عائلته اليهودية التي غادرت لندن عام 1940 هرباً من الغارات الجوية الألمانية. بشاعة الحرب وآلامها دفعت بهارولد لأن يتخذ موقفاً رافضاً للالتحاق بالخدمة العسكرية، شارحاً حيثيات قراره: "برأيي، إن إعادة التسلح فكرة سخيفة.. لقد وعيت جداً آلام الحرب ورعبها ولن أذهب مهما تنوعت الحجج، للمشاركة في هذا الأمر. لقد قلت لا.. وسأقول لا مرة إضافية.. الأمر يبدو أسخف اليوم".
إزاء ذلك بدأ بدراسة الفن الدرامي في لندن كردّ فعل على ما يجري حوله من كوارث.
ما بين عامي 1951 و 1952 بدأ العمل بالتمثيل تحت اسم مستعار هو ديفيد بارونت، وبعد ذلك قام بنشر رواية بعنوان "الأقزام". أما أول مسرحياته فكانت بعنوان "الغرفة"، وعُرضت على مسرح البريستول للمرة الأولى في عام 1957. وفي عام 1958 عُرضت في كل من كامبرج وأكسفورد، ومن ثم في لندن على خشبة "الليريك تياتر". وبموازاة ذلك فهو قدم أعمالاً إذاعية كان أبرزها "ألم صغير". ومع "حارس السيارات" 1960 بدأت أعمال هارولد تأخذ طريقها إلى النجاح الحقيقي، وتتالت بعد ذلك الأعمال المسرحية من "المجموعة" (1961) إلى "العشيق" (1963) إلى "حفلة شاي" و"العودة" (1965)..
إلى جانب تأليفه الأعمال المسرحية استمر بينتر في التمثيل والإخراج، وفي عام (1998 ـ 1999)، أصدر بينتر كتاباً يجمع قصائده ومقالاته السياسية، وخصوصاً تلك التي يعلن فيها معارضته للهيمنة الأميركية والغربية على شعوب العالم. ففي تصريح له أدلى به في آذار/ مارس الماضي يقول بينتر: " حملنا الى الشعب العراقي العذاب واليورانيوم المنضّب والقنابل العنقودية والعديد من عمليات القتل العمياء.. حملنا إليه البؤس والانحدار.. كل ذلك تحت غطاء الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط ".
حسن نعيم
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018