ارشيف من : 2005-2008
رؤيتان اسرائيليتان لمشاركة حماس في الانتخابات الفلسطينية
ينطلق الموقف الرسمي لحكومة العدو الرافض لمشاركة حماس في الانتخابات التشريعية التي من المفترض أن تجري في أواخر كانون الثاني 2006 قبل أن يتم تجريدها من سلاحها، من مجموعة اعتبارات تتصل بشكل مباشر بطبيعة المرحلة التي يمر بها الصراع وما يُخطط له على هذا الصعيد، منها ما تم التعبير عنه مباشرة ومنها ما يمكن استقراؤه من حركة الواقع.
ولعل من ابرز هذه الاعتبارات المخاوف من إسباغ شرعية دولية على حركة حماس بمرور الزمن، وبأن يصبح التعامل معها امرا طبيعيا ومألوفا بحكم الأمر الواقع في الوقت الذي تجمع فيه بين المشاركة في السلطة وتنفيذ العمليات الجهادية ضد الكيان الإسرائيلي.
أيضا في حال عدم معارضة "إسرائيل" لمشاركة حماس سيُعتبر ذلك نوعاً من التسليم والتكيف الإسرائيلي مع هذا الواقع، وهو ما يتعارض مع المطالبة الدائمة بتجريدها من سلاحها، أضف إلى ذلك أن دخولها في مؤسسات السلطة ومن دون أي تعديلات أو تغييرات في الفكر والنهج يشكل تكريسا وشرعنة لهذا السلاح.
المخاوف الأخرى التي ينطلق منها شارون، هي انعكاس هذه المشاركة على مجريات أي مفاوضات سياسية مقبلة، حيث يُقدِّر شارون ومن يؤيده في رؤيته بأن الموقف الفلسطيني سيكون في حينه اكثر تصلبا ولو على قاعدة التسوية السياسية. بينما الخطة الإسرائيلية تعمل على تخفيض السقف السياسي الفلسطيني بعد سلسلة الانحدارات التي شهدتها القضية الفلسطينية.
ويمكن في هذا السياق أن تشكل الضرورات الداخلية (التنافس داخل حزب الليكود) عاملاً إضافياً يدفع شارون إلى المزيد من التمسك بهذا الموقف، مع أن التجربة أثبتت بأنه استطاع أن يعارض توجهات الليكود ويتراجع عن مواقف سابقة له ويخرج في النهاية منتصرا.
في مقابل هذه الرؤية يوجد أيضا داخل الكيان الإسرائيلي توجه مخالف لرؤية وموقف شارون والحكومة، وله امتداد داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وهو يعتبر أن مشاركة حماس في هذه الانتخابات تنطوي على مجموعة من الإيجابيات الإسرائيلية انطلاقا من انه "كلما تأطرت الحركة فإنها ستكون اكثر إصغاء للرأي العام واهتماما بإظهار اكبر للمسؤولية كما حصل مع إعلانها بوقف إطلاق صواريخ القسام".
أيضا يعتبر أنصار هذه الرؤية انه في حال كانت نتائج الانتخابات المفترضة "تمثل وتعكس كل عناصر الساحة الفلسطينية فإن "إسرائيل" ستعرف حينها من هي السلطة التي تقف حيالها حقا".
ويعتبر هؤلاء أن قدرة "إسرائيل" على التأثير في هذه الانتخابات محصورة في الضفة الغربية بينما هي في قطاع غزة محدودة بعد استكمال الخروج منه. كما ان الحؤول دون مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية بفعل الضغط الإسرائيلي والاميركي سينتقص من الشرعية الشعبية الفلسطينية لهذه الانتخابات، وقد يُعزز من شعبية هذه الحركة، هذا بالاضافة إلى ما تمتلكه حماس من قدرة على الرد عبر تفعيل عملياتها العسكرية وارباك كل المسار السياسي القائم.
وفي مقارنة سريعة بين هذين الطرحين نجد ان كلاهما يشكل تحديا خطيرا لحركة حماس، فإن استجابت حركة حماس للشروط الإسرائيلية والأميركية بالتجرد من السلاح مقابل مشاركتها في السلطة ـ وهو أمر مستبعد جدا ـ تكون قد انتهت كحركة مقاومة. لكن في المقابل لا يمكن إنكار حقيقة أن مشاركة حماس في السلطة - في الظروف السياسية الحالية - سيكون له أثرها على أدائها المقاوم. ففي ظل التباين الكبير بين اركان السلطة المشكَّلة مع افتراض مشاركة حماس فيها، في النظرة إلى المقاومة والتسوية لا يمكن القفز فوق حقيقة وجود خطر أن يشكل ذلك قيدا على حركتها.
في كل الأحوال إن القرار بتوجيه الأحداث سواء باتجاه تثمير الضغوطات الإسرائيلية والاميركية واعطائها بعدا عمليا أو باتجاه مغاير... مرتبط إلى حد كبير بكيفية تعامل واستجابة السلطة الفلسطينية لهذه الرغبات والمواقف.
علي حيدر
الانتقاد/ تحت المهجر ـ العدد 1131 ـ 14 تشرين الاول/ اكتوبر 2005
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018