ارشيف من : 2005-2008
"ابنة المستشار".. مستشارة
مضى زمنٌ طويل منذ كنا نسمع بالمرأة الحديدية أو المرأة الخارقة. اليوم رجعت المخيلة تبحث عن الألقاب بعد اقتراب أنجيلا ميركل من الوصول إلى مكتب المستشارية في ألمانيا.
"أنجيليكا" الآتية مما كان يعرف بألمانيا الغربية إلى ألمانيا الشرقية لتبدأ حياتها، باتت قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى مكتب المستشارية بعد فوز حزبها في الانتخابات التي حاول فيها غيرهارد شرودر المستشار الاخير لالمانيا ان يعيد ترتيب بيته الالماني وفق استراتيجية جديدة اعتبرتها صحيفة "دير شبيغل" الالمانية "سياسة الانتحار خوفاً من الموت"، والتي طمح من خلالها إلى الحصول على أغلبية برلمانية تساعده في تنفيذ سياساته. لكن "ميركل" قلبت عليه الطاولة بهجمة مرتدة أطاحت بما بين يديه وأضحت شريكة أساسية في الحكم والحكومة وربما المرأة الاولى في المانيا التي ستجلس على كرسي المستشارية.
وللتذكير فقط فهذه ليست المرة الاولى التي تسعى فيها هذه المرأة الى سدة المستشارية، فقد خسرت معركة موقعها مقابل زعيم الاتحاد المسيحي الاجتماعي (الفرع البافاري للاتحاد المسيحي الديمقراطي) "أدموند شتويبر" في سباق مرشح الاتحاد للمستشارية في الانتخابات التشريعية التي جرت في سبتمبر/ أيلول 2002.
ولدت أنجيلكا دوروتيا كاسنر في 17 تموز/ يوليو 1954 في هامبورغ بألمانيا الغربية سابقا، ولم يكن عمرها سوى أسابيع قليلة عندما انتقل بها أهلها إلى ألمانيا الشرقية السابقة.
والدها رجل دين مسيحي، وقد نشأت أنجيلا محاطة بالكتب في جو أسري منفتح على المناقشة، وبسبب علاقتها بالكنيسة تعين عليها التخلي عن دراسة اللغات ـ شغفها الكبير ـ لتنكب على الكيمياء في جامعة لايبزيغ حيث التقت أولريك ميركل زوجها الأول التي انفصلت عنه بالطلاق عام 1982.
في العام 1979 التحقت بمعهد الفيزياء الكيميائية التابع لأكاديمية علوم برلين الشرقية حيث حصلت على الدكتوراه في الفيزياء عام 1986.
كانت أحد اعضاء "منظمة ستالين" وبدأت عملها السياسي في ألمانيا الشرقية السابقة في نيسان/أبريل 1990 مساعدة للمتحدث باسم حكومة رئيس الوزراء الألماني الشرقي المحافظ لوثر دو ميزيار.
فازت في كانون الاول/ ديسمبر من العام نفسه بمقعدها النيابي الأول.
قبل شهرين من إعادة توحيد ألمانيا انضمت إلى الاتحاد الديمقراطي المسيحي لتلتحق بعد ثلاثة أشهر بمكتب المستشار السابق هلموت كول الذي شجعها ودعمها إلى حد أن الصحافة الالمانية أطلقت عليها آنذاك لقب "ابنة كول".
عينت وزيرة لأحوال المرأة والشباب في كانون الثاني/ يناير 1991 ثم وزيرة للبيئة في تشرين الثاني/ نوفمبر 1994.
تمكنت ميركل البروتستانتية المحافظة والمواطنة الألمانية الشرقية السابقة من فرض نفسها وإن كان بشق الأنفس داخل الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي يهيمن عليه تقليديا كاثوليك ألمان غربيون لتصبح منذ نيسان/ أبريل 2000 أول امرأة ترأس واحدا من أكبر الأحزاب في ألمانيا.
حملت بعد توليها مقاليد زعامة الاتحاد المسيحي الديمقراطي المهزوم عام 2000 لقب "الأم الشجاعة"، وكانت اول من وقف في وجه من تبناها سياسياً، مطالبة إياه بالكشف عن ملابسات فضيحة التبرعات السرية التي اطاحت به.
تبلغ "آنجي" اسم التدليل الذي أصبح يجمع على تسميتها به الاصدقاء والناخبون والمعلقون والصحفيون اليوم الحادية والخمسين، وتقول في أحد تعليقاتها على مسيرة حياتها السياسية: "أشعر بالفخر لكوني مسؤولة سياسية لكل ألمانيا من أصول ألمانية شرقية".
وفي تعليق آخر تقول: "عندما كنت وزيرة كان لدي انطباع بأنني أجسد وحدي أقليتين، امرأة ومواطنة ألمانية شرقية سابقة".
هل كل هذا يكفي لتشكيل صورة ألمانيا الجديدة؟
يستحسن الانتظار قليلاً بعد، فالمرأة التي لا تحب "الموضة" بدأت تبدي بعض التأثر بالألوان البهية، وربما ستغيّر صالون الحلاقة الذي تصفف فيه شعرها، وعلى أمل أن لا يكون هو نفسه الذي تزوره "كوندوليزا رايس.
الانتقاد/ خلف القناع ـ العدد 1131 ـ 14 تشرين الاول/ اكتوبر 2005
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018