ارشيف من : 2005-2008

من المبكر الحديث عن انسحاب أحادي من أجزاء من الضفة؟

من المبكر الحديث عن انسحاب أحادي من أجزاء من الضفة؟

الانتقاد/ تحت المجهر ـ العدد 1130 ـ 7 تشرين الاول/ اوكتوبر 2005‏

تردد في الفترة الأخيرة على ألسنة بعض المسؤولين والمعلقين الإسرائيليين إمكانية أو عزم ارييل شارون على تكرار خطوة الانسحاب الاحادي من أجزاء واسعة من الضفة الغربية (خارج جدار الفصل) الأمر الذي دفع شارون إلى أن يعلن مرارا نفيه ذلك.. وبرغم هذا النفي، الا ان بعضاً من هؤلاء المعلقين، يدلل على صوابية تقديراته استنادا إلى حقيقة اصرار ارييل شارون في المرحلة السابقة على رفض أي انسحاب أحادي من قطاع غزة، الا انه عاد وأخلى القطاع برغم المعارضة التي واجهها.. بل ان البعض رأى ان شارون سيقدم على هذه الخطوة متى ما وجد انه من "المصلحة الوطنية" القيام بذلك برغم تعهداته المعلنة.‏

وعليه لا بد من تسليط الأضواء على بعض النقاط ذات الصلة:‏

- إن هذه التقارير والتقديرات لا تعدو كونها إما صادرة عن خصوم شارون السياسيين الذين يحاولون إيجاد جو معارض له، وخاصة في أوساط حزب الليكود، أو انها نتيجة للزخم الذي أحدثه الانسحاب من قطاع غزة بقرينة ما أحدثته المقاومة في فلسطين من انقلاب في الفكر السياسي لارييل شارون وشريحة واسعة من قادة اليمين وبعض جمهوره، وهو ما يهيئ ـ بنظرهم ـ الأرضية لتكرار ذلك في الضفة.‏

- ان موقع الضفة في الفكر الصهيوني وفي الفكر السياسي الإسرائيلي يختلف عن موقع قطاع غزة، سواء من الناحية التاريخية أو الاستراتيجية، إلى حد أن ارييل شارون اعتبر أن "الضفة هي مهد اليهودية"، لذلك فإن شروط تكرار مثل هذه الخطوة في الضفة الغربية على المستوى السياسي والجماهيري... تختلف كثيرا عن الشروط التي تطلبتها خطوة الانسحاب من غزة.‏

- لا يوجد في هذه الفترة أي مؤشر يجعل من هذا الطرح وكأنه موضع دراسة أو محاولة للتنفيذ، بل ان المرحلة يمكن توصيفها في بعض أوجهها على أنها تثمير ومواجهة تداعيات الانسحاب من قطاع غزة، والتي في أعقاب استنفادها، عندها يتم قراءة الواقع الذي سيتشكل ويبنى على الشيء مقتضاه.‏

- أيضا إن فشل بنيامين نتنياهو وعوزي لانداو في تقديم موعد الانتخابات والهزيمة التي تلقياها في مركز حزب الليكود، أعطى اندفاعة وزخما معنويا لشارون وأنصاره، ودفعهم إلى الرهان بقوة على الإعداد للفوز في الانتخابات التمهيدية المقبلة لرئاسة الحزب في نيسان/أبريل 2006، وعليه فإن أي محاولة أو حتى طرح فكرة انسحاب أحادي من أجزاء من الضفة الغربية بعدما حصل ما حصل في القطاع، وفي هذه الفترة بالذات، سيترك أثرا سلبيا على شارون خلال هذه الانتخابات. أضف إلى انه في أعقاب إجراء هذه الانتخابات التمهيدية تكون "إسرائيل" قد دخلت من الناحية العملية في السباق الانتخابي بكل ما للكلمة من معنى، الذي عادة ما يطغى على أي شأن آخر، من هنا فإن أي حديث عن انسحاب أحادي من أجزاء واسعة من الضفة الغربية إلى حين إجراء الانتخابات العامة في الكيان الإسرائيلي التي من المفترض ان تجري في تشرين الثاني/ نوفمبر 2006 إن لم يحدث ما يقدم من موعدها، هو أمر مستبعد، وفقاً للظروف السياسية.‏

علي حيدر‏

2006-10-30