ارشيف من : 2005-2008

"العربي"

"العربي"

الانتقاد/ خلف القناع- 1129- 30 ايلول/ سبتمبر 2005‏

عماد عيد‏

الجدال داخل مركز الليكود "الحزب الحاكم في اسرائيل" توقف فجأة، ونسي الاسرائيلون داخل الحزب الخلافات بين شارون ونتنياهو لعدة ثوانٍ، وصفقوا جميعا بلا استثناء فرحاً باغتيال محمد الشيخ خليل وذلك عندما هنأ الوزير (تساحي هنغبي) وزير الحرب الاسرائيلي على هذا الانجاز الرائع بحق  اخطر المطلوبين الذين آذوا "إسرائيل" كثيراً، حسب تعبير الوزير الصهيوني، واصفاً اغتيال الشيخ خليل بـ"خطوة تاريخية باغتيال المسؤول في الجهاد، الذي تنسب إليه مسؤولية اعتداءات ارهابية ضد موراج ومعبر فيلادفيا، وقتل فيها اسرائيليون".‏

الشيخ خليل او العربي كما يحلو لاصدقائه من باقي الفصائل تسميته عاش حياة طويلة مليئة بالترحال الاجباري والحرب مع الاحتلال.. عمره لم يكن قد تجاوز السبعة عشر عاما عندما اصبح مطلوبا لقوات الاحتلال في الانتفاضة الاولى لنشاطه في حركة فتح، وذلك قبل ان يتمكن من الفرار عبر الحدود مع مصر بعد أن ضاق الخناق عليه، لكنه وجد السجن في وجهه فأمضى في السجون المصرية خمسة اعوام خرج منها بعد تدخل منظمة التحرير الفلسطينية، وليدخل فلسطين عبر الحدود كما خرج منها، لكنه كان تحول الى عضو في الجهاد الاسلامي مع العشرات من المطلوبين الذين غادروا فلسطين الى المنفى وعادوا جميعاً بطرق مختلفة.‏

وفي المنفى الذي وصل اليه شقيقاه فقدهما محمد كليهما، فاستشهد شقيقه أشرف في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال بتاريخ 1/7/1991، بينما استشهد شقيقه الثاني شرف الشيخ خليل في اشتباك مسلح في وسط البحر بالقرب من مخيم نهر البارد بتاريخ 2/1/1992.‏

وجد محمد في انتفاضة الاقصى فرصة جديدة لمواجهة الاحتلال فبدأ بالعمل على تطوير أسلحة المقاومة الفلسطينية، وأبرزها في بداية الانتفاضة قذائف الهاون، فبترت ساقه أثناء شهر تشرين الثاني/ نوفمبر لعام 2001 اثناء محاولة قصف للمستوطنات، وفقد رفيقه ياسر أبو العيش ذراعه، ولكنهما أصرا على استكمال مشوار الجهاد.‏

يدا محمد الشيخ خليل بدأتا بالابداع في القنص وإعداد المتفجرات، ونجح في الاشراف على مجموعة تمكنت من تفجير دبابة اسرائيلية على الحدود المصرية الفلسطينية في منتصف العام 2004 ما أدى الى مقتل خمسة من جنود الاحتلال لينجح محمد في جعل جنود الاحتلال يمشون على اربع بحثا عن أشلاء زملائهم، بدأت بعدها محاولات "اسرائيل" لقتله حتى لو كان داخل منزله، فتعرض لثلاث محاولات اغتيال فقد في أخطرها شقيقه محمود بصاروخ أطلقته طائرة استطلاع على بيته في مخيم يبنا جنوب رفح في شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 2004، إلا أنه كان غادر المنزل قبل لحظات من القصف.‏

محمد كان يعشق العمل الجماعي مع الفصائل الفلسطينية فأشرف مع قادة لجان المقاومة على عملية موراج التي نفذها ثلاثة استشهاديين من سرايا القدس وألوية الناصر وكتائب ابو الريش، والتي استمرت لسبع ساعات قتل خلالها اربعة صهاينة. وبعدها بشهرين اشرف على عملية كوسفيم التي قتل فيها اربعة صهاينة أيضا، ليصبح المطلوب رقم واحد في الجهاد الاسلامي في غزة، ومن بين ثلاثة وعشرين مقاوماً في غزة رفضت "إسرائيل" العفو عنهم مهما كانت الاسباب.‏

العربي رحل كالأبطال في الخامس والعشرين من أيلول/ سبتمبر الحالي بعد ان وَطِئَ بعرجته أراضي المستوطنات التي طالما قاتل لتحريرها، وظهر علناً في مستوطنة نتساريم محتفلاً باندحار جيش الاحتلال عن غزة التي استشهد على ارضها ليحمل جثمانه الى مخيم رفح الذي كان له فيه صولات وجولات من الحرب، وخرجت رفح وغيرها من المخيمات في مسيرة جماهيرية ضمت عشرات الالاف الذين ذرفوا الدموع على رفيق دربهم في المقاومة.‏

2006-10-30