ارشيف من : 2005-2008
من أنصار.. إلى الخيام.. إلى شبعا
من عادات العرب أن تكرم ضيفها على مدى أيام ثلاثة.. وبعدها تسأل الضيف عن حاجته.. لكن ضيفنا هذا الاسبوع كان هو المضيف..
نعوم تشومسكي، يهودي، مفكر، فيلسوف، عالم، أستاذ الفكر والألسنية والفلسفة والعلم .. جامعي.. يساري عتيق، نعتته منظمة "بناي بريث" (أبناء العهد) اليهودية ذات الميول الصهيونية بأنه "أشد مواطني الولايات المتحدة الأميركية عداءً لـ"إسرائيل".
ولد نعوم إفرام تشومسكي عام 1928 وحصل على درجته العلمية في اللغويات عام 1951 من جامعة بنسلفانيا. بعدئذ في بداية الخمسينات سافر إلى كيان العدو ليعيش لفترة في أحد الكيبوتزات (المزارع) حيث اعتقد أن الطبيعة الاشتراكية والإنسانية لحركة الكيبوتز يمكن ان تتلاءم في عقيدته السياسية، لكنه بعين الحرّ ميّز بين ما هو كلام وما هو واقع، فترك كيان العدو وعاد إلى الولايات المتحدة حيث عمل عام 1955 في جامعة هارفارد، ثم انتقل ليعمل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا M .I.T.
في عام 1957 نشر مؤلفه الهام "البناء السياقي" الذي أحدث ثورة في علم اللغويات الحديث، واعتُبر التجاوز الأساسي للبنيوية في مجال اللغويات. ومن أهم أعماله الأخرى في هذا المجال سنجد "اللغة والعقل" و"بعض جوانب نظرية السياق" و"القواعد والتمثيلات" و"دراسات سيمانطيقية في النحو التوليدي".
عاد نعوم تشومسكي الى المنطقة، واختار الخيام بدل الكيبوتز هذه المرة، معتقلاً للحظات..
أراد أن يذوق بعضاً من أسر.. في زنزانة، وهو يعلم أن في الخارج من ينتظره لإكمال الجولة، وأن في الخارج بعد البرهة .. حرية..
لكنه برغم كل هذا لم يستطع تحمل لحظات.. فكيف بمن أمضى السنوات هنا.. يأكل هنا.. يشرب .. هنا.. يقضى حاجته هنا.. وهنا ينام..
إلا أن هذه ليست المرة الأولى التي "يعتقل" تشومسكي نفسه وسط همومنا، فهو زار لبنان قبلاً، واختار معتقل أنصار، ليعبر منه عن رفضه للممارسات الإرهابية الصهيونية.
نعوم تشومسكي، شكراً..
لقد حركت بعضاً من شعور دفين .. تجاه أسرانا الاحرار .. برغم أنوف "البولتونيين الجدد"، الذين أخذوا رمز البلاد هدية للمجرم الذي دعم السجان الذي فتح هذا المعتقل.. والذي يقابل تشومسكي بالموقع.. فهو المدافع الاول عن كيان العدو.
مفارقة مبكية..
"هل كم أرزة العاجقين الكون".. أخذها البعض المستنسخ من بذرة هجينة دسّها الاميركي في أرضنا يوم حاول تمرير اتفاق العار في السابع عشر من ايار/ مايو 1983.. وعلقها في رقبة كبيرهم الذي علمهم .. الإجرام ..
يومها هلل الشعب وكبر.. ونزل الى الشارع وارتفع شهيدنا العزيز محمد نجدي.. ليرسم البوصلة.. وسقطوا وسقط معهم الاتفاق وارتفعت بيارق المقاومة..
بالمقابل تشومسكي يزور المعتقل.. يجلس فيه.. يتجول بين أقسامه.. ويراقب شبعا ومزارعها.. ويدعو لنا بأن تتحرر لنستقبله فيها في المرة القادمة..
شكراً لك والايام بإذن الله قريبة.. وربما أقرب مما يوحى اليك.. سنعود.. وتعود.. ونعود.. اليها محررة.. عزيزة.. والملتقى يومها سيكون مع نسيم وسمير ويحيى ومحمد.. وأجساد شهدائنا المعطرة بأريج تراب فلسطين.. وعيد المقاومة والتحرير.. وكل هذا لن يكون إلا ببندقية المقاومة.. كي يبقى الأرز أخضر..
شكراً لك مرة أخرى يا أستاذ نعوم..
مصطفى خازم
الانتقاد/ خلف القناع ـ العدد 1162 ـ 19 أيار/مايو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018