ارشيف من : 2005-2008

ماذا وراء تهديدات قادة العدو لسكان قطاع غزة؟

ماذا وراء تهديدات قادة العدو لسكان قطاع غزة؟

الانتقاد/ تحت المجهر ـ العدد 1127 ـ 16 أيلول / سبتمبر 2005‏

توالى كل من وزير حرب العدو "شاؤول موفاز" ورئيس اركان جيشه "دان حالوتس" على إطلاق التهديدات بتوجيه ضربات شديدة وقاسية للفلسطينيين في قطاع غزة إن تواصل تنفيذ العمليات في ومن قطاع غزة، وفي هذا السياق ايضا أشار "حالوتس" إلى عدم التناسب بين الرد الإسرائيلي وبين حجم الفعل الفلسطيني.‏

هذه التهديدات تشكل مدخلا للإطلالة على بعض جوانب الواقع الجديد في القطاع، وعليه فإن السؤال هو كيف ينبغي النظر والتعامل مع هذه التهديدات؟‏

- ان إطلاق التهديدات هو مفردة ثابتة في السياسة الأمنية الإسرائيلية، وبالتالي لا يوجد أي جديد في هذه التصريحات، وخاصة انه من غير المتوقع ان يتكلم العدو بلغة أخرى مع الشعب الفلسطيني، أضف إلى أنها تشكل جزءاً من استراتيجية شاملة تهدف، فيما تهدف، إلى بث الرعب في صفوف الفلسطينيين، واضعاف معنوياتهم، وإرساء حالة من الردع في مواجهتهم.‏

- لكن برغم ذلك فإن اقتران هذه التهديدات باندحار القوات الإسرائيلية من داخل القطاع يجعل لهذه التهديدات أبعادا أخرى ذات صلة بمرحلة ما بعد الخروج من غزة، وعليه فإن أول ما قد يتبادر إلى الأذهان على هذا الصعيد هو انها جزء من محاولة التخفيف من وقع هذا الاندحار، واظهار ان "اسرائيل" ما زالت تمتلك المبادرة ولم تخرج من موقع المهزوم أو الضعيف.‏

- إلى جانب أن حقيقة الواقع والتجربة الطويلة مع هذا العدو تثبت انه لا يمكن ان يؤمن جانبه، فإن أي متابع للقراءة الإسرائيلية للانسحاب من قطاع غزة، سواء المؤيدة منها أو المعارضة، تنطوي على مخاوف جدية من بقاء سلاح المقاومة في القطاع، واستخدامه بشكل دفاعي أو لترسيخ معادلة ردعية على شاكلة ما حصل في جنوب لبنان، وهو ما يُساهم بنظر العدو في تعزيز الالتفاف الشعبي حول خيار المقاومة، كما انه أمر مؤذٍ جداً لقدرة الردع الاسرائيلي، وخاصة انه يتم في الداخل الاسرائيلي.‏

- ولكن من الامور التي ينبغي ان تكون حاضرة بقوة ايضا هو ان العدو يحتاج في هذا التوقيت بالذات الى توجيه ضربة دموية للفلسطينيين من اجل قلب صورة اندحار العدو، وتحويل الافراح الفلسطينية الى مجالس حزن، ومحاولة اضعاف الالتفاف الشعبي حول هذه المقاومة عبر اشعارهم بأن المنغِّص الوحيد لفرحتهم بالنصر تكمن في استمرار التمسك بالسلاح. ايضا هناك حاجة سياسية ماسة لارييل شارون للالتفاف على خصمه الأساسي داخل الليكود من جهة اليمين، وهو ما يُعمل على تحقيقه عادة عبر سفك المزيد من الدم الفلسطيني، مع انه ينبغي ان يكون حاضرا لدى ارييل شارون الرد الفلسطيني الذي قد يقلب حساباته ويساهم في اغراقه اكثر.‏

- وحتى لا يُفهم من الكلام ما لا يُراد منه يبقى ان نعبر عن حقيقة ان المقاومة في كل ارجاء فلسطين هي التي حررت غزة، وبالتالي فإن على غزة وسكانها مسؤولية ـ وهم اهل لها ـ ودور ينتظرهم في رفد المقاومة في الضفة بما يتناسب مع ظروفهم المستجدة، وبما يحافظ على هذا النصر. ومن ضمن الشروط المطلوب توافرها، عدم السماح للعدو بتكريس واقع بالرد، ولو على شاكلة الاغتيالات الامنية (ليس بشكل علني) بالرد على أي عملية في الضفة او منها، في قطاع غزة، باعتبار انها تضم قيادات فصائل المقاومة الفلسطينية.‏

علي حيدر‏

2006-10-30