ارشيف من : 2005-2008
"القبر المفتوح.. حتى إشعار آخر"
الانتقاد / خلف القناع ـ العدد 1118 ـ 15 تموز / يوليو 2005
"أفظع مجزرة ارتكبت في أوروبا".. منذ الحرب العالمية الثانية، عنوان اعتمده العديد من وسائل الاعلام للتدليل على هول ما جرى على ما يقارب الثمانية آلاف مسلم بوسني في تسعة ايام بين العاشر والتاسع عشر من تموز/يوليو من العام 1995 في مدينة "سربرنيتشا" قبيل انتهاء الحرب.. "الإبادة" (1992ـ1995).
تمر الذكرى بنا، وتدفن 610 جثث أو ما تبقى من رفات هذه الجثث التي استغرق العمل على معرفة اصحابها سنوات بمقبرة بوتوكاري المؤجلة الإقفال حتى إشعار آخر.
أطفال .. نساء .. رجال.. من كل الأعمار سقطوا في إبادة جماعية لا لشيء سوى لأنهم قالوا "ربنا الله ثم استقاموا"..
فتح هذا القبر "المؤجل" في العام 2003 حيث استقبل أول دفعة من بقايا شهداء "سربرنيتشا".. ووري الثرى هناك أكثر من 1300 ضحية تم التعرف الى هويتها بواسطة اختبارات الحمض النووي وبالأمس ازدادوا 650..
الحكاية لم تنته فما زال هناك أكثر من 4500 حقيبة جلدية سوداء قاتمة بلون وجوه كل المتربعين على عروش الامم المتحدة في حياتها مملوءة برفات الجثث في انتظار خضوعها للفحص والتحليل لمعرفة أصحابها.
وأيضاً .. وأيضاً لم تنته القائمة فالقبر المفتوح ينتظر وآخر "الرحلات" أعلنت عنها الحكومة البوسنية منذ أيام، فقد تم العثور على مقبرة جماعية جديدة بالقرب من الموقع الذي احتفل فيه البوسنيون بذكرى مرور 10 سنوات على المذبحة يعتقد أنها تحوي رفات بعض الذين قتلوا في مذبحة "سربرنيتشا". هذا ويشار إلى انه يوجد 32 مقبرة جديدة تضم جثث ضحايا مجزرة سربرينيتشا عثرت عليها اللجنة المكلفة متابعة هذا الموضوع.
اعترفت جمهورية الصرب للمرة الأولى "بتصفية آلاف المسلمين" في سربرينيتشا على أيدي قوات صرب البوسنة عام 1995 وبأن المسؤولين حاولوا إخفاء جرائمهم.
ووافقت الحكومة الصربية على تقرير أعدته لجنة رسمية وذكر أنه من 10 إلى 19-6-1995 "تمت تصفية آلاف البوسنيين (المسلمين) في انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي".
.. وللذكرى فقط..
.. لا يزال مجرما الحرب المتهمان من صرب البوسنة المدرجين على رأس قائمة المطلوبين لمسؤوليتهما عن هذه المجازر، وهما "أمير الحرب رادوفان كراجيتش" و"قائد جيشه الجنرال راتكو ملاديتش" مطلقي السراح، في ظل رايات الحرية والديموقراطية ومحكمة العدل...
ونستحضر في النهاية قصة أخبرنا إياها صديقنا "البوسني" فؤاد، وفيها أنه مع بدايات التحضير للانتخابات في يوغوسلافيا السابقة، كانت وفود المشيخة البوسنية تجول على البيوت لتشرح للبوسنيين هذا الموضوع، وما يجب الاجابة عنه وكيف على الاسئلة.. ولكن المفاجأة كانت تأتي عندما يقول البوسني لمن يقوم بالاحصاء إجابة على سؤال ما هي هويتك؟
ـ مسلم..
فيكرر السؤال: بوسني مسلم؟
ـ مسلم...
فكانت الوفود تجاهد لإقناع هذا "المسلم" بتعديل الإجابة إلى بوسني مسلم.
..وعلى الرغم من كل ما جرى لم يكن جواب البوسنيين المسلمين عليها وعلى تدمير المساجد وتسويتها بالارض الا:
"لن ندعو أبدا للثأر لما حدث هنا قبل سنوات، لكننا لن ننسى ما حدث أبدا".
مصطفى خازم
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018