ارشيف من : 2005-2008
أول أعياد فلسطين
الانتقاد/خلف القناع ـ العدد 1123 ـ 19 آب/أغسطس2005
لن يمر التاريخ عادياً في غزة هذه المرة، ستتوقف عقارب الزمن في لحظة حرية ما شمّت فلسطين مثل رائحتها منذ زمن بعيد، سيتذوق كل غزاوي طعم النصر، وسيضحك هذه المرة فرحاً في عرس سيبدأ ولن ينتهي الا بحدود النهر.
انه حلم عمره من عمر جيوش الانكليز وقوافل الاستيطان القادمة من شتات الارض، عمره من "سايكس ـ بيكو" والمجازر المتنقلة من الطنطورة الى دير ياسين، كفرقاسم، قبية، القدس، جنين وعصابات الهاجانا والاشتيرن.. عمره من عمر النكبة والنكسة وأوسلو.. من أزقة المخيمات وبيوت الصفيح التي ما انحنت أمام المدمرات الاسرائيلية.
انه الحلم يتحقق ويبدأ من حيث انتهى الاحتلال ليبدأ عمر جديد لفلسطين.. عمر يقاس بعدد كل الشهداء الذين عبروا أرضها او لامسوا حدودها، بعدد كل النازحين الذين لم تغادر قلوبهم ترابها، بعذابات كل المعتقلين الذين نسجوا من ظلمات السجون خريطة التحرير، من حدقات كل الاطفال الذين رسموا بألوان حلمهم فلسطين من النهر الى البحر.
لن يحرق ضوء الشمس تراب غزة هذه المرة.. والبحر الذي حلم العدو يوماً بأنه سيبتلع غزة، سيحضنها وسيمجد انتصارها، والمآذن التي عصت على صواريخ الطائرات ستعانق البنادق التي تلاحق جنود شارون الفارين وذيولهم بين أرجلهم، من جحيم الشجاعية وحي الرمل وحي الشيخ رضوان، ومعهم فلول المستوطنين من موراج وإيرز ونتزاريم كفرداروم ونيتسر حزاني..
ستعود رفح وخانيونس الى غزة ومعها البساتين والحقول التي حولتها احلام الصهاينة الى مستوطنات وكيبوتسات.. ستعود ليزرع فيها الفلسطينون املهم بغدٍ آتٍ تعود فيه كل فلسطين الى شعبها وكل الفلسطينيين الى ارضهم.
365 كم2 هي ارض القطاع التي سيندحر عنها العدو مرغماً، هي الارض التي لم تستطع ان تحمل جندياً صهيونياً، من العام 1956 يوم العدوان الثلاثي حين احتُلت غزة، ومن ثم تحررت بإرادة المقاومين، الى العام 1967 حين عاود الاحتلال غزوها وخرج ايضاً من جزء كبير منها عام 1994 ليعود فيحتله بعد انتفاضة الاقصى، لكن اليوم خروجه هو غير كل ذلك، اليوم يخرج مع حلمه بالسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية التي هي الحدود الفاصلة بين القارتين الاسيوية والافريقية، التي كانت عبر التاريخ معبر القوافل التجارية.. ولكن الاهم ان "الحلم اليهودي المقدس" بأرض غزة تهاوى وانكسر.
مع اكتمال تحرير "غزة هاشم" التي تكرمت بمرقد جدّ الرسول الاكرم (ص) سيكون لفلسطين اول اعيادها.. عيد التحرير، وسيجد الفلسطينيون على مدى انتشارهم يوماً يفرحون به غير النكبة والنكسة وذكريات المجازر.. سيجد الفلسطينيون ما وجده اللبنانيون في الخامس والعشرين من ايار عام 2000، سنتشارك معهم في اعيادهم كما شاركناهم مآسيهم، سترتفع الرايات الخضراء والصفراء وكل الالوان ما دامت رايات للمقاومة، حتى يلتقي العيد بالعيد، وتعود كل الارض المحتلة عزيزة حرة.
أمير قانصوه
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018