ارشيف من : 2005-2008

تصريحات رايس:اعتراف أميركي بالفشل في مواجهة المقاومة ؟؟

تصريحات رايس:اعتراف أميركي بالفشل في مواجهة المقاومة ؟؟

الانتقاد / تحت المجهر ـ العدد 1120 ـ 29 تموز/يوليو 2005‏

تصدرت المسألة اللبنانية الاهتمام الدولي وفرضت نفسها، أو بالأصح تم فرضها على جدول الأعمال الدولي، وبلغ هذا الاهتمام في الأسابيع والأيام الأخيرة الذروة مع مساعي تشكيل الحكومة وصياغة بيانها الوزاري، وتأتي في هذا السياق زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس، التي اكثر ما حُفظ من تصريحاتها، هو ما تضمنه حديثها من إشارة عن ترك العملية السياسية تأخذ مجراها، وبحكم انه تمت صياغة البيان الوزاري الذي تضمن ما تضمن من رؤى وبرامج ومواقف وخيارات، بات من الاهمية تسجيل بعض النقاط ذات الصلة بزيارة رايس الى لبنان، وما أطلقته من مواقف:‏

لا بد من التأكيد على حقيقة انه بدا واضحا جداً الهوة بين الخطاب السياسي الاميركي الحالي الذي عبرت عنه رايس، بترك العملية السياسية تأخذ مجراها، وبين ما كان في بدايات هذه السنة من لغة الحسم والحزم والثقة بضرورة المبادرة المباشرة للانتقال الى البند التالي من القرار 1559 المتعلق بسلاح المقاومة، وهو أمر يستدعي منا التأكيد على ان هذا التبدل لم يأتي نتيجة صحوة او نضوج في الوعي، او رفقاً بلبنان، وانما نتيجة محدودية الخيارات المتاحة امام الاميركيين.‏

ما هي الخيارات التي يمكن افتراضها نظريا امام الاميركيين: التدخل العسكري المباشر لنزع سلاح حزب الله، وهو امر مستبعد على الاقل في المدى المنظور لأكثر من سبب وسبب... ايضا اللجوء الى "اسرائيل" لتنفيذ هذه المهمة كترجمة لمبدأ ان "اسرائيل" هي شرطي اميركا في المنطقة، وهو امر غير مطروح حتى على المستوى النظري، بل ان القيادات السياسية والعسكرية الاسرائيلية نفسها تعتبر ان القرار 1559 هو فرصة لكي يحقق اهدافهم التي فشلوا في تحقيقها طوال سنوات احتلالهم.. اما في ما يتعلق بالخيارات المحلية لفرض تنفيذ القرار بأدوات لبنانية، فهو امر مُحال وموازين القوى لا تسمح بذلك، كما انه سيؤدي في ما لو افترضنا وجود نيات على هذا الصعيد الى تدمير كل آمال اللبنانيين بمستقبل زاهر، او حتى يتمتع بقدر من الاستقرار.‏

على ضوء ما تقدم يتضح بشكل جلي السياق السياسي الذي أطلقت فيه كونداليزا رايس موقفها بخصوص العملية السياسية، من خلال ان لا بدائل مجدية ومعتدّ بها، وهو امر يبعث على شعور متداخل، فمن جهة يشكل ما حصل نصراً سياسياً جديداً يُضاف الى ما سبق، ويمكن القول انه نتيجة مباشرة للالتفاف الشعبي الذي ظهر خلال الانتخابات النيابية، وهو ما اسقط كل رهانات الاميركيين على هذا الصعيد، ومن جهة ثانية وفي نفس الوقت، يدفعنا الى المزيد من اليقظة انطلاقا من ان القاعدة التي تعمل عليها الولايات المتحدة في حال عجزها عن الهيمنة والسيطرة على منطقة معينة، هي العمل على احراقها، وهنا تأتي اهمية الوحدة الوطنية والالتفاف الشعبي والرسمي حول خيار المقاومة.‏

علي حيدر‏

2006-10-30