ارشيف من : 2005-2008
ملاحظات حول الانسحاب من قطاع غزة
الانتقاد/تحت المجهر ـ العدد 1121 ـ 5 آب/أغسطس 2005
لم يقتصر تمحور الأحداث السياسية خلال الأشهر الأخيرة حول الانسحاب من قطاع غزة بالساحة الفلسطينية دون الإسرائيلية، وبالعكس، وهو ما جعله يحتل محورا اساسيا فيما كُتب ونوقش ضمن هذه الفترة الزمنية تحليلا واستشرافا... ومع اقتراب موعد تنفيذ الانسحاب وبلوغ الأحداث مرحلة الذروة، أو ما يقرب من ذلك، لا بد من تسجيل بعض الملاحظات المتعلقة به:
- ان هذا الانسحاب "سـ"يتم بفعل المقاومة الفلسطينية وبصمود الشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى الذي ادى إلى تبلور واقع سياسي وامني وجد في استمراره ارييل شارون خطرا على كيان العدو ـ كما عبَّر هو بنفسه -. مع التأكيد أن "إسرائيل" كانت ترفض أي مبادرة لتنفيذ مثل هذا الانسحاب على طاولة المفاوضات بين السلطة وكيان العدو.
- على الرغم من كون هذا الانسحاب هو نتيجة من نتائج المقاومة إلا أن العدو يحاول أن يستفيد منه بأقصى ما يمكن، من أجل تمرير مخططاته المتعلقة بالضفة الغربية عبر تكريس وتوسيع الكتل الاستيطانية الكبرى.
- أن هذا الانسحاب كشف حجم الانقسام الداخلي في المجتمع الصهيوني حول الموقف من استمرار التمسك ـ في الفترة الحالية ـ بمقولة ارض إسرائيل الكاملة، المفتوح (هذا الانقسام) على العديد من السيناريوهات والاحتمالات. وربما الأهم من ذلك هو أن هذه الانقسامات كشفت ايضا عما يمكن ان يواجهه هذا المجتمع فيما لو تقرر في مرحلة من المراحل تنفيذ انسحاب جزئي او شبه كامل من الضفة الغربية التي تحتل مكانة اكثر اهمية من قطاع غزة على المستوى التاريخي والديني والاستراتيجي.
- ان قرار الانسحاب من قطاع غزة اتخذته حكومة يترأسها ارييل شارون نفسه... وهو ما يشير الى الدور الذي لعبته المقاومة الفلسطينية في مسارات تشكل الفكر السياسي الإسرائيلي الحديث.
- ان محاولة اسقاط مقولة بأن "التطرف" لا يولد الا تطرفا على ما يجري على الساحة الفلسطينية هي محاولة غير موفقة لأكثر من سبب منها، انه ثبت بالتجربة في فلسطين ـ كما في لبنان ـ بأنه كلما شعر العدو بأن الطرف العربي كان اكثر تساهلا ومرونة في طروحاته ومواقفه كلما ازداد العدو تشددا، وكلما تصلب الموقف العربي وصمد وقاوم، ففي نهاية الامر العدو هو من سيتراجع.
- ان ترقب مرحلة ما بعد الانسحاب من قطاع غزة غير مرتبط بساحة دون اخرى، بل تعدى الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني الى الجانب العربي والدولي كلّ لدوافعه وظروفه. وفي هذا السياق تُطرح العديد من السيناريوهات والتساؤلات المتعلقة بالعلاقات بين القوى السياسية الفلسطينية في "اليوم الذي يلي" الانسحاب، كما هو الحال ايضا بالنسبة إلى العلاقات الإسرائيلية ـ الإسرائيلية، سواء على المستوى الحكومي او الحزبي والشعبي. فضلا عن محاولات استشراف الحالة التي سيكون عليها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
في الختام قد يكون السؤال الأهم في هذا المجال هو:
هل سينجح شارون في فرض معادلة غزة مقابل الكتل الاستيطانية في الضفة؟ ام ان المقاومة ستنجح في الحؤول دون فرض هذا الواقع، وبالتالي يتحول الانسحاب الى مرحلة من مراحل التحرير ولو على طريق ما يُعتبر بأنه الحد الادنى، المتمثل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع عاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين. سؤال ستكشف الاجابة عنه الاسابيع والاشهر القادمة.
علي حيدر
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018