ارشيف من : 2005-2008

أميركا في فم الإعصار

أميركا في فم الإعصار

الانتقاد/ خلف القناع ـ العدد 1125 ـ 2 أيلول/ سبتمبر 2005‏

أميركا الثائرة على العالم والتي تعبث بأمن البشر حيث يمكن ان تصل يدها وجنودها، الطبيعة ثارت عليها، والبحر الذي تطوف عليه بارجاتها ينتقم منها ويأتيها بغتة..‏

انه الاعصار كاترينا، يأتي غاضباً من الجنوب، فلا يمكن ان توقفه كل التكنولوجيا، ولا آلاف الطائرات ولا مئات الالاف من المارينز، ولو أعيدوا الى ديارهم من حيث هم في أصقاع الارض.‏

"كاترينا" الغاضب هو الاخ الشقيق للاعاصير: كامي، تشارلي، وفرانسيس، إيفان، هوجو، وجان... لكنه الاكثر بطشاً، وأحد أعتى الأعاصير التي تجتاح الولايات المتحدة، وقد وصلت سرعة الرياح التي أتى بها الى اكثر من 200 كيلومتر في الساعة، لذلك يصنف من الفئة الرابعة في تصنيف الاعاصير الاميركية.‏

مدن عديدة في ولاية لويزيانا تسبح بمياه الامطار التي تساقطت بغزارة شديدة مصحوبة بالرياح العاتية، وبلغ ارتفاع الامطار في بعض المدن اكثر من ستة امتار، اما الرياح فقد دمرت عشرات الالاف من المنازل ومحطات الكهرباء حتى اغرقت عدداً من الولايات في ظلام دامس، شبكات المواصلات دمرت. واكثر من ذلك، فأسماك القرش تسبح في شوارع المدن (على حد ما ذكر شهود).‏

أجهزة الإنقاذ عمدت إلى استخدام المروحيات والقوارب للوصول إلى الناس الذين حاصرتهم مياه الفيضانات، وباتت الملاعب مكانا لتجميع الناجين, ولأن لا شيء يمكن ان يوقف زحف "تسونامي" جديد، حثت حاكمة ولاية لويزيانا "كاثلين بلانكو" السكان على تمضية وقتهم في الصلاة والتضرع لله، وأقرت بلانكو بأن جهود الحرس الوطني عبر إلقاء الأطنان من أكياس الرمل لسد فجوة طولها 150 متراً هي "أشبه ما تكون برميها داخل ثقب أسود".‏

في مدينة "نيو أورليانز" غمرت المياه 90 بالمئة من المباني وشوهدت العديد من الجثث تطفو في مياه الفيضان، وقال رئيس بلدية المدينة "إن عمال الإنقاذ لا يجدون الوقت للتعامل مع الجثث ويكتفون حاليا بتنحيتها جانبا"، اما مقاطعة "هاريسون" في ولاية "ميزوري" فقد عاث الإعصار فيها خرابا ولا سيما مدينة "بيلوكسي" و"غالف بورت"، وقال احد الصحافيين في "بيلوكسي" الواقعة على شاطئ المسيسيبي إن المدينة دمرت بالكامل.‏

خبراء الأرصاد الجوية ينذرون بأن العواصف الشديدة والأمطار الغزيرة تتقدم صوب ولايتي تنيسي وأوهايو.‏

لكن شيئاً لم يكن في الحسبان وهو تدمير الاعصار لمنشآت النفط عند شاطئ لويزيانا، ما سبب أزمة حقيقية أوصلت سعر برميل النفط الى أكثر من سبعين دولاراً.. وجعلت الولايات المتحدة تلجأ الى استخدام احتياطها من النفط لمواجهة حاجة السوق.‏

ضحايا الاعصار بالآلاف، الخسائر بمليارات الدولارات، النتائج حولت الحدث الطبيعي الى كارثة حقيقية أكبر من 11 ايلول وأشبه بهجوم نووي على حد تعبير بعض المواطنين الاميركيين.‏

كثير من الناس الذين يشاهدون فصول الكارثة يتمنون لو كان بقدرتهم مدّ يد العون للأبرياء الذين تبتلعهم مياه الطوفان.. لكن كثيرين من ضحايا البطش الاميركي يتمنون ايضاً لو ان هذه الادارة الاميركية تبتلعها موجات كاترينا او ان يستفيقوا فيجدوا "بوش" وقد قضمه قرش "كاترينا".‏

أمير قانصوه‏

2006-10-30