ارشيف من : 2005-2008

استقالة نتنياهو: بدء المعركة على مستقبل الضفة الغربية

استقالة نتنياهو: بدء المعركة على مستقبل الضفة الغربية

الانتقاد/تحت المجهر ـ العدد 1122 ـ 12آب/أغسطس 2005‏

كلما اقترب موعد تنفيذ الانسحاب من قطاع غزة منتصف هذا الشهر، ازدادت الساحة السياسية الإسرائيلية الداخلية احتقاناً، وارتفعت وتيرة المخاوف من ترجمة هذا الاحتقان إلى خطوات سياسية وأمنية غير محسوبة.‏

ما يمكن تأكيده في هذا السياق، هو أن استقالة وزير المالية في حكومة العدو بنيامين نتنياهو تندرج ضمن هذه الأجواء، دون ان يمنع ذلك وجود عوامل إضافية مساعدة. ولكن من أجل وضع الأمور في سياقها الصحيح، لا بد من تسجيل ما يلي:‏

- لا يوجد شك بأن أصل استقالة نتنياهو، في هذا الوقت بالذات، لن تؤدي إلى إلغاء أو تأجيل عملية الانسحاب من قطاع غزة، وهو واقع حاضر أيضاً لدى نتنياهو نفسه. وما يقطع في ذلك هو أن جميع المقدمات التي تُمكِّن من تنفيذ الانسحاب قد استُكملت، إلا في حال حصول مستجدّ أمني أو سياسي، يصل إلى مرتبة القوة القاهرة التي تقلب المخططات المرسومة.‏

- في الوقت نفسه، ينبغي النظر إلى قرار نتنياهو بالاستقالة على انه الأكثر انسجاما مع موقفه من مسألة الانسحاب، وبالتالي فإن التساؤل ينبغي أن يتركز على سبب تأخره في تقديم استقالته حتى هذه الفترة، وعن سبب استنكافه عنها لحظة مصادقة الحكومة الاسرائيلية قبل عدة أشهر على مبدئية الانسحاب، وتتأكد أهمية هذه التساؤلات إذا ما حضر لدينا كون نتنياهو نفسه، وقبل أيام معدودة، كان قد أسهب في الشرح للمحيطين به من سياسيين ومساعدين وإعلاميين، بأن ليس لديه نية للاستقالة، علما أن تصميم شارون على المضي في تنفيذ مشروع الانسحاب من قطاع غزة كان حاضراً لدى نتنياهو وكل المحيطين به..‏

- من الواضح أن استقالة بنيامين نتنياهو من الحكومة الإسرائيلية في هذا الوقت بالذات، وعلى خلفية الموقف من الانسحاب من قطاع غزة، تشكل افتتاحا رسميا لمنافسة أرييل شارون على رئاسة الليكود، وبالتالي على رئاسة الحكومة القادمة. اذ لو بقي نتنياهو في الحكومة، لكان من الصعب عليه المنافسة، لبقائه مشاركا في حكومة تنفيذ الانسحاب الذي سيصعب عليه السباق مع منافس آخر من خارجها، وهو عوزي لانداو الذي يتصدر اليمين المتطرف داخل وخارج الليكود.‏

- قد يكون لاستطلاعات الرأي التي نُشرت الاسبوع الماضي دور في بلورة موقف نتنياهو، حيث أظهرت هذه الاستطلاعات تراجعا بارزا في تأييد الانسحاب من غزة وسط ناخبي الليكود، علما أن استطلاعات أخرى كانت قد أظهرت أن غالبية منتسبي الحزب، يعتقدون أن على شارون التنازل عن المنافسة على رئاسته. وخاصة ان لاستطلاعات الرأي حيزا معتبرا لدى الزعامات في كيان العدو، لاتخاذ مواقف سياسية في مثل الحالة التي نشهدها.‏

السؤال الأهم في هذا المجال هو التالي: ما دامت كل هذه المواقف السياسية لن تحول دون الانسحاب، فأين تكمن أهمية استقالة نتنياهو وغيره، وأين تكمن أهمية الخطوات السياسية والأمنية الأخرى التي قد يقوم بها معارضو الانسحاب؟‏

لعل الجواب، وهو الأرجح، أن المعركة الحالية، والتي تستخدم فيها أدوات رفض أو تأييد الانسحاب من قطاع غزة، تتعلق بساحة الضفة الغربية، ومحاولة لمنع أي انسحابات مستقبلية مشابهة فيها..‏

من هنا فلئن كانت غزة هي واجهة الصراع، إلا أن هاجس وخلفية الصراع الحالي يتمحور واقعاً حول مآلات الضفة الغربية ومستقبلها.‏

علي حيدر‏

2006-10-30