ارشيف من : 2005-2008
بلا مواربة
الانتقاد العدد 1116ـ 1تموز/يوليو 2005
في غمرة الحديث عن الإصلاح والمنهج الإصلاحي في لبنان، يكثر الحديث بالمقابل عن الفساد والمفسدين، ويتم وضع أسماء في دائرة الضوء، وتُلقى تبعات الكوارث الاقتصادية التي مر فيها لبنان على هذا أو ذاك، أو على نهج ما، فيما يتبرأ منه نهج آخر.
ومع إدراك اللبنانيين أن المتهمين في هذا المجال "ليسوا مقصّرين" و"فيهم البركة" كما كانت جدتي تقول، فإن أبناء هذا الشعب المكتوي بنيران الغلاء والبطالة والديون، لا يمكنهم أن ينسوا "أفضال" آخرين، وبينهم ـ يا للغرابة ـ بعض الذين يوجهون التهم، ويحملون سيف ديموقليس مصلتين إياه على الرقاب.
إن الحقيقة التي لا تغيب عن أذهان اللبنانيين هي أنه لا يوجد بين من تولَّوا السلطة خلال السنوات الماضية، قبل اتفاق الطائف وبعده، من يمكن القول إنه مثل امرأة القيصر، فوق الشبهات، وإن الجميع ـ والجميع تعني الجميع ـ هم في موقع الاتهام حتى تثبت براءتهم اليقينية، والإصلاح يكون بإدخال المرتكبين ـ أيّاً كانوا ـ إلى "المطهر" قبل إطلاق يدهم من جديد في عملية "إعادة البناء".
أما إذا لم يحصل ذلك، أو إذا حصل بشكل جزئي، وكان بعض المتهمين هم القضاة، فليس أمام اللبنانيين إلا أن ينعوا الإصلاح ويقولوا لأنفسهم: عفا الله عمّا مضى، ولنبدأ بمراكمة الديون علينا من جديد.
ما يتمناه اللبنانيون هو غير هذا بالتأكيد.
محمود ريا
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018