ارشيف من : 2005-2008

آفاق التسوية على ضوء اكتمال المشهدين الإسرائيلي والفلسطيني

آفاق التسوية على ضوء اكتمال المشهدين الإسرائيلي والفلسطيني

علي حيدر‏

تمخض المسار السياسي الداخلي، الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء، عن بلورة واقع سياسي جديد في كل من الساحتين، فبعد اكتمال الخارطة السياسية الجديدة الفلسطينية وتشكيل الحكومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس، نتيجة للفوز الساحق الذي حققته في الانتخابات التشريعية الأخيرة.. اتضحت أيضا معالم الساحة السياسية الإسرائيلية مع تشكيل ايهود اولمرت للحكومة، بعد أن تبلورت موازين القوى بين المعسكرات السياسية في الكنيست.. وهو ما يدفع إلى التساؤل حول آفاق التسوية في أعقاب هذه المستجدات، لما يتمايز به المشهدان عما سبقهما، كما انه يطرح تساؤلات حول قضايا كان من المفترض أنها أصبحت من مسلّمات التسوية في المنطقة، سواء بالنسبة إلى الاعتراف بوجود إسرائيل أو الاعتراف بالاتفاقات التي عقدت معها.‏

في هذا السياق يمكن إيراد العديد من الملاحظات التي تساهم في استشراف واقع التسوية وآفاقها:‏

- يلاحظ انه لم يرد في البرامج السياسية الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية الفاعلة أي طرح جدي في السعي لتحقيق التسوية الشاملة، وهو أمر يعكس بعد مضي حوالى 13 سنة عن اتفاق أوسلو أن النخبة الإسرائيلية قد استبعدت من قاموسها أي رهان أو إمكانية أو تمسك بتحقيق التسوية الشاملة في المدى المنظور.‏

- نعم، يمكن العثور في هذه البرامج على الإشارة إلى أهمية وضرورة المفاوضات بشكل مطلق، فضلا عن ربط ذلك بخارطة الطريق مع التشديد على تجريد المقاومة من سلاحها انسجاما مع المرحلة الأولى منها.. وهو طرح يعرف كل من الإسرائيلي والأميركي انه عندما لم تكن حماس في موقع السلطة لم يكن بالإمكان نزع سلاح المقاومة، فكيف الآن وهي تجمع بين السلطة والمقاومة في آن معا...‏

- بالتالي فإن الإشارة إلى المفاوضات هي من باب التكتيك السياسي أو "تبرئة الذمة" الدولية، الهدف منها تنضيج الرأي العام الدولي باتجاه تأمين الغطاء المطلوب لأي انسحاب أحادي من بعض مناطق الضفة الغربية، تمهيدا لفرض حدود الكيان الإسرائيلي، أو بالأحرى حدود الكيان السياسي الفلسطيني أياً تكن تسميته.‏

إذا أضفنا ما تقدم إلى "الانتفاضة الديمقراطية" على اتفاقية اوسلو وانتخاب حركة حماس بأغلبية ساحقة، التي ترفض الاعتراف بوجود إسرائيل وبالاتفاقات التي عُقدت بين السلطة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، إلا ما كان منها في مصلحة الشعب الفلسطيني، والى حقيقة إقرار العدو باستنفاده أساليب قمع وإخضاع الشعب الفلسطيني، كل ذلك يُؤكد انه لم يعد من أرضية للوصول بالتسوية إلى نهايتها على ضوء المسارات السياسية القائمة حاليا. وما تم بناؤه والعمل عليه منذ سنوات طويلة بدأ يتحول إلى واقعة تاريخية ليس إلا.‏

الانتقاد/تحت المجهر ـ العدد 1160 ـ 5 أيار/مايو 2006‏

2006-10-30