ارشيف من : 2005-2008
الهم الوحيد لبعض الزعامات:كيف يمكن الإيهام بإمكانية الاستغناء عن خيار المقاومة؟!
علي حيدر
يطالعنا من حين إلى آخر زعيم من هنا وآخر من هناك بأطروحة حياد لبنان في الصراع مع "إسرائيل" التي سبق ان تم طرحها في العديد من محطات التاريخ السياسي اللبناني، وهي وان تقاطعت أو تشابهت في المحتوى الا ان لطرحها في كل مرحلة علاقة ما بالتطورات والظروف السياسية المتزامنة معها... وفي هذا السياق يأتي طرح الحيادية هذا في الوقت الذي يتم تناول موضوع سلاح المقاومة وموقعه في استراتيجية الدفاع الوطني للبنان...
وبهذا الصدد لا بد من تسليط الأضواء على بعض النقاط ذات الصلة:
- من الواضح أن بعض الأطراف في لبنان قد رسمت هدفا ثابتا لها هو: محاولة إيجاد الأجواء التي توحي بإمكانية الاستغناء عن دور المقاومة وسلاحها، وبعبارة أخرى محاولة الوصول إلى نزع سلاح المقاومة بشكل أو بآخر، بغض النظر عن مدى انسجام ذلك مع مصلحة لبنان وأمنه واستقراره، فضلا عن هويته وموقعه ومدى إمكانية تنفيذه على ارض الواقع... ولتحقيق هذا الهدف طُرقت وتُطرق جميع الأبواب، ويتم انتهاج كل السبل: من محاولة سلخ الهوية اللبنانية عن مزارع شبعا... إلى محاولة إقناع عواصم القرار بضرورة انكفاء "إسرائيل" عن هذه المنطقة (مع التمنيات في نجاح هذه المحاولة) باعتباره قد يساهم - بنظرهم - في تطويق المقاومة عبر نزع مبرراتها!!... إلى طرح نظرية الحياد في الصراع مع "إسرائيل"... إلى محاولة إثارة إشكاليات، لا تُسمن ولا تغني من جوع، كمقولة لماذا لا يتم اعتماد المقاومة الشعبية في هذا البلد العربي أو ذاك... لماذا لا يتم اعتماد صيغة فك الاشتباك المعتمدة في الجولان وتطبيقها في الجنوب اللبناني...
الخلاصة، أن المعيار الوحيد في هذه الطروحات والمواقف... هو مدى خدمتها أو تعارضها مع ما يرونه يساهم في عدم الحاجة إلى المقاومة كخيار استراتيجي في التحرير والدفاع عن لبنان وحمايته.
- أيضا ربما يكون الجانب الأهم في طرح مقولة الحياد في الصراع انه ينطوي على مغالطة خطيرة، وهي محاولة تصوير الصراع مع "إسرائيل" وكأنه صراع مع العالم العربي، ولا علاقة للبنان بالأصالة به، لا من قريب ولا من بعيد، وبالتالي فالحل في إخراج لبنان مما أُقحم فيه... والتساؤلات التي تُطرح في هذا المجال: هل عدم كون لبنان جزءاً من هذا الصراع يعود إلى هويته المغايرة لمحيطه العربي؟!، وكيف نقارب التاريخ اللبناني المعبد بالدماء في هذا الصراع؟ هل يمكن تحييد لبنان من الصراع بدون أن تحيد "إسرائيل" لبنان عن دائرة استهدافاتها؟ وهل يتبنى طارحو ومؤيدو الحياد هذا الافتراض (لبنان خارج دائرة استهدافات "إسرائيل")؟. وإلا كيف يمكن الجمع بين حياد لبنان في الصراع وبين هويته العربية بما يعني كونه جزءاً من المناطق التي تندرج ضمن دائرة أطماع "إسرائيل" الايديولوجية واستهدافاتها السياسية والامنية؟
الانتقاد/ تحت المجهرـ العدد 1161 ـ 12 أيار/مايو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018