ارشيف من : 2005-2008

الجمهور اليهودي يتحدث عن الاقتصاد ويفكر بالأمن

الجمهور اليهودي يتحدث عن الاقتصاد ويفكر بالأمن

الانتقاد/ عين على العدو ـ العدد 1140ـ 16/12/2005‏

اعداد جهاد حيدر‏

تتعدد العوامل المؤثرة في قرار الناخب الإسرائيلي كما تتفاوت في تأثيرها من فترة إلى أخرى، وضمن هذا الإطار يمكن تلخيصها على الشكل التالي: العوامل الأيديولوجية، العوامل السياسية الأمنية، والعوامل الاقتصادية الاجتماعية، فضلا عن بعض العوامل الثانوية الأخرى... وانطلاقا من بعض التجارب السابقة نجد أن العامل السياسي ـ الأمني الفلسطيني كان له دور أساسي في العديد من المحطات الانتخابية، إذ كان للخيار السياسي المطروح إزاء القضية الفلسطينية دوره في تحديد وجهة الناخب الإسرائيلي، كما كان للعمليات العسكرية تأثيرها أيضا في هذا المجال. من هذا المنطلق نجد أن الاهتمام الرئيسي داخل الكيان الإسرائيلي ينصب على استشراف الأوضاع السياسية والأمنية التي ستكون سائدة قبيل وخلال الانتخابات والتقدير ـ بناءًَ عليها ـ أي اتجاه سيسلكه أغلب الناخبين اليهود.‏

اختيارنا لهذا المقال نابع من ضرورة الإطلالة على بعض استطلاعات الرأي التي تعالج هذا الجانب، ولما تنطوي عليه أجوبة الذين وجهت إليهم الأسئلة من تناقضات، كون الأغلبية تولي أهمية قصوى ـ في هذه المرحلة (مع التأكيد على هذه المرحلية) ـ للعامل الاجتماعي الاقتصادي، وفي الوقت نفسه تفضل هذه الأغلبية أريئيل شارون رئيسا للحكومة. من دون أن يعني ذلك بالضرورة ان النتائج في 28 آذار المقبل ـ موعد الانتخابات العامة في "إسرائيل" ـ ستكون مطابقة لنتائج هذه الاستطلاعات على أساس نسبيتها وهامش خطئها وارتباطها باللحظة السياسية والاجتماعية التي تجري فيها.‏

أغلب اليهود في إسرائيل يعتقدون أن المجال الاجتماعي ـ الاقتصادي سيحسم الانتخابات، إذ أن أغلبهم يؤيد النهج الاشتراكي ـ الديمقراطي، ويرون في عمير بيرتس اشتراكيا ديمقراطيا، لكن على الرغم من ذلك اغلبهم يفضلون أريئيل شارون رئيسا للحكومة؟!.‏

الانطباع الآخذ بالتعزز في الفترة الأخيرة أن المجال الاقتصادي ـ الاجتماعي سيكون العامل الذي سيحسم أولوية الناخب في الانتخابات المقبلة لا يصمد أمام اختبار الواقع عندما تتعلق المسألة بأفضلية من يتولى منصب رئيس الحكومة. ففي الواقع أيضا يعتقد الجمهور الواسع أن المجال الاقتصادي الاجتماعي ـ التي يوجد فيها لعمير بيرتس تفوق واضح على أريئيل شارون ـ سيكون له الاعتبار الحاسم ولكن أيضا اغلب الناخبين الذين يقرون بكفاءة بيرتس في المجال الاقتصادي ويميلون للتعاطف مع "اجندته" الاشتراكية الديمقراطية، ما زالوا يُفضِّلون شارون رئيسا للحكومة. يبدو إذاً أن الاعتقاد بأهمية المجال الاقتصادي الاجتماعي على المجال السياسي الأمني في الانتخابات لا يحسم هوية الشخص الذي سيُصوَّت له، وإنما يعكس اكثر بروز المجال الاقتصادي والاجتماعي في الحديث السياسي والإعلامي منذ انتخاب بيرتس رئيسا لحزب العمل.‏

ففي مجال العلاقات مع الفلسطينيين يتوقع الجمهور انه سواء كان شارون أو بيرتس الرئيس القادم للحكومة فسيحاول استئناف العملية السياسية من خلال استعداد لإخلاء مستوطنات. في الوقت الذي يوضع فيه شارون، بنظر اغلب الجمهور في المجال الأمني، في الوسط أو اليمين المعتدل، يتم وضع بيرتس في عمق اليسار. وكون ان اغلب الجمهور يعتبر نفسه يمينيا أو وسطيا، فليس مدهشا ان يكون أريئيل شارون هو الشخص المفضل من قبل أغلبية الجمهور، ويُنظر إليه كمن يستطيع دفع عملية السلام مع المحافظة على المصالح الأمنية لإسرائيل، على الرغم من أن شارون يعتبر، في المجال الاجتماعي والاقتصادي، اقرب إلى الرأسمالية مما يعتبر أغلب الجمهور نفسه اليوم، وعلى الرغم من أن بيرتس يعتبر بوضوح الشخص الذي يستطيع أن يدفع بشكل افضل الموضوع الاقتصادي الاجتماعي إلى الأمام وتقليص الفجوات.‏

في الموضوع الطائفي، يوجد أغلبية لمن يعتقد أن الاعتبار الطائفي لا يلعب دورا في تصويت أعضاء حزب العمل تأييدا أو رفضا لبيرتس، والاغلبية الحاسمة تعتقد أن الأصل الطائفي لشارون لن يؤثر على اعتبارات الناخبين سواء من جهة التصويت لمصلحته أم لا.‏

هذه هي النتائج الأساسية لمقياس السلام في شهر تشرين الثاني، والذي أُجري يومي 28 ـ 29 من الشهر نفسه.‏

حول سؤال "حسب رأيك، ما الذي سيؤثر اكثر في الانتخابات المقبلة عندما سيقرر الناس لمصلحة من سيصوِّتون: المجال الأمني والعلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين أو المجال الاجتماعي ـ الاقتصادي؟". أجاب 53% من اليهود الذين أُجريت معهم المقابلات أن المجال الاجتماعي الاقتصادي سيؤثر اكثر على الناخب، 36% اعتبروا المجال الأمني، والبقية لم تعطِ رأيا واضحا حول الموضوع.‏

فيما يتعلق بمواقف الجمهور اليهودي إزاء النهج الاشتراكي الديمقراطي والرأسمالية واقتصاد السوق: يؤيد جداً 36% النهج الاشتراكي الديمقراطي و14% يؤيدون بشكل كافٍ هذا النهج. وبالتالي فالمجموع العام 50%. في مقابل 11% يؤيدون النهج الرأسمالي و18% يؤيدون جدا، وبالتالي فالمجموع العام 29%. أيضا يضع 15% أنفسهم في الوسط بين النهجين والبقية ليس لها رأي واضح.‏

في نفس التسلسل يعتبر 29% من الجمهور، شارون في الوسط بين النهجين، و34% في الجانب الرأسمالي وفقط 16,5% في الجانب الاشتراكي الديمقراطي. في مقابل ذلك تضع أغلبية بارزة من الجمهور (60%) عمير بيرتس في الجانب الاشتراكي الديمقراطي، فيما يضعه 8,5% في الوسط و6% فقط في الجانب الرأسمالي.‏

حول سؤال من سيدفع، بشكل افضل، التطور الاقتصادي لإسرائيل مع تقليص الفوارق الاجتماعية القائم صوَّت 37% لمصلحة بيرتس و24% لمصلحة شارون (البقية صوَّتت لمصلحة مرشحين آخرين أو لا يعرفون).‏

هذه النتائج تشير، على ما يبدو، إلى تفوق واضح لبيرتس على شارون بنظر الجمهور اليهودي. وعلى الرغم من ذلك أجاب عن سؤال "من تريد أن ترى رئيسا للحكومة؟"، 43% شارون و19% بيرتس.‏

أضف إلى ذلك ان الذين يُعرِّفون أنفسهم بأنهم اشتراكيون ديمقراطيون يُفضِّلون شارون (38%) على بيرتس (28%) لرئاسة الحكومة. كما هو متوقع الفوارق لمصلحة شارون اكبر وسط الذين يُصنِّفون أنفسهم في الوسط (44% في مقابل 8%) أو في الجانب الرأسمالي (54% في مقابل 7%).‏

اتجاهات التصويت إزاء من هو أفضل لمنصب رئيس الحكومة يُفضِّل 80% من بين الذين ينوون التصويت لمصلحة حزب العمل عمير بيرتس و11,5% يفضلون شارون. ومن بين المصوتين لمصلحة حزب كديما يعتبر 91,5% منهم شارون انه الافضل و1% يفضلون بيرتس. ينبغي أن نشير إلى أن التصنيف وفقا للأعمار يظهر ان دعم بيرتس متساوٍ تقريبا في اغلب المجموعات العمرية في حين أن دعم شارون اكبر وسط المجموعات الراشدة.‏

كيف يمكن تفسير حقيقة انه على الرغم من أن بيرتس يعتبر اقدر على تقليص الفوارق الاقتصادية الاجتماعية ـ وهو الموضوع المفترض بنظر الأغلبية العامل الأساسي في تحديد التصويت ـ ليس المرشح المُفضَّل لرئاسة الحكومة؟‏

الجواب يكمن بتقديرنا في الموضوع السياسي ـ الأمني، إذ ان هناك تفوقا مثيرا للانطباع لشارون على بيرتس، فبنظر الجمهور اليهودي، في قدرة شارون دفع مسيرة السلام مع المحافظة على المصالح الأمنية لإسرائيل.‏

إذ يُفضِّل 60% ان يقوم شارون بذلك، بينما يفضل 10% فقط بيرتس. هذا التفضيل مثير من جهة انه على ضوء حقيقة ان نسبة مشابهة، حوالي 40%، تقدر انه سواء شارون أو بيرتس، فإن أياً منهم سيُنتخب لرئاسة الحكومة، فإن سياسته في الموضوع الفلسطيني ستكون استئناف المفاوضات مع استعداد لاخلاء مستوطنات.‏

30% يعتقدون ان شارون سيختار الخيار الاحادي في مقابل 12% يقدرون ان بيرتس سيسير في هذا الطريق، ونسبة الذين يعتقدون أن كلاً من شارون وبيرتس منهما سيُفضل المحافظة على الوضع القائم هو 19% شارون و13% في حالة بيرتس.‏

تفوق شارون في المجال السياسي الامني ـ في مقابل المجال الاقتصادي ـ الاجتماعي يكمن على ما يبدو في التطابق الكبير جدا بين تصنيف المجيبين عن الأسئلة لأنفسهم في المجال السياسي الامني وبين الطابع الذي يوضع في سياقه شارون، بالمقارنة مع بيرتس. إذ يعتبر 39% انفسهم (من الجمهور اليهودي) في اليمين أو اليمين المعتدل، 29% في الوسط و24% في اليسار. هذه النسب تتلاءم مع ان 33,5% يضعون شارون في اليمين، و36% يضعونه في الوسط و20% يضعونه في اليسار.‏

في المقابل يضع 65% بيرتس في اليسار، و11,5% في الوسط و5% فقط في اليمين. في الواقع هذه النتائج تدل على العلاقة الواضحة بين تحديد الجمهور لنفسه في المجال السياسي الامني وبين نسبة تفضيل شارون على بيرتس لرئاسة الحكومة. هكذا ينال شارون تأييد 39% من اليمين، 60% من الوسط و33% من الذين يعتبرون انفسهم يساريين، بينما النسب الموازية لبيرتس هي 13%، 18% و33% بما يتلاءم مع التصنيف السابق. أي يوجد لشارون افضلية واضحة في قطاعين يمثلان اغلب جمهور الناخبين اليهود (68%). اضف إلى ذلك ان نسبة الذين يفضلون شارون وسط الذين يعتبرون انفسهم يساريين لا تقل عن نسبة الذين يفضلون بيرتس رئيسا للحكومة.‏

هآرتس/ البروفيسور افرايم يعار والبروفيسور تمار هيرمان/7/12/2005‏

2006-10-30