ارشيف من : 2005-2008

مقالات / الأزمة الحكومية تتأرجح بين التفاؤل والتشاؤم:تقاطع مصالح ضيقة محلية ودولية يعطل التفاهم

مقالات / الأزمة الحكومية تتأرجح بين التفاؤل والتشاؤم:تقاطع مصالح ضيقة محلية ودولية يعطل التفاهم

عاد التشاؤم ليخيم على أجواء الاتصالات الجارية لحل أزمة اعتكاف وزراء حزب الله وحركة أمل عن المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، بعدما انحسرت الأجواء التفاؤلية التي أوحت بإمكانية الوصول إلى حل قريب مساء الجمعة الفائت، يرتكز على إحياء الشراكة الحقيقية التي أسست للمشاركة في الحكومة الحالية بما يتوافق مع الدستور.‏

ومع تبدل الأجواء بدا أن الأمور تتجه نحو العودة إلى نقطة البداية من دون أن يعني ذلك توقف الاتصالات والمشاورات خلال الأيام المقبلة بين حزب الله وحركة أمل، أو بين الحزب والحركة من جهة والقوى الأخرى المكونة للحكومة من جهة أخرى.‏

بدت عطلة نهاية الأسبوع مبشرة بإمكانية حل الأزمة الراهنة مع توصل حزب الله وحركة أمل إلى تفاهم مع رئيس كتلة تيار المستقبل سعد الحريري في السعودية. وأبرز ما في هذا التفاهم ما يتعلق بسلاح المقاومة، إضافة إلى التأكيد مجدداً على ما ورد في البيان الوزاري للحكومة الحالية التي نالت الثقة على أساسه، وأكد على تحرير الأرض وتحرير الأسرى ومواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.‏

وحظي هذا التفاهم بمباركة العاهل السعودي، وارتكز على ثلاث نقاط رئيسية:‏

الأولى: اعتبار سلاح المقاومة ليس سلاحا ميليشياوياً، وبالتالي إخراجه من مندرجات بنود القرار 1559.‏

الثانية: العودة إلى التوافق في الموضوعات الأساسية بما يتوافق مع الدستور.‏

الثالثة: الاتفاق على سلة من التعيينات الإدارية.‏

وقد احتاج التوصل إلى هذا التفاهم يوماً ونصف اليوم من المشاورات والاتصالات، وظهر رئيس تيار المستقبل مرتاحاً إلى النتائج، وخصوصاً أن المفاوضات كانت تجري بعلم السعوديين.‏

ويبدو أن هذا التفاهم لم يرض البعض محلياً وخارجياً، وعملت جهات عديدة على إجهاضه والانقلاب عليه لاعتبارات خاصة بها.‏

وبعد التوصل إلى التفاهم المذكور، ولقاء موفدين من حزب الله وحركة أمل مع رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، ناقش السنيورة في كل المسائل، ثم أجرى فيما بعد مشاورات مع الوزراء، وخرج بعض الوزراء من قوى 14 آذار ممتعضين مما ورد في التفاهم، وبدا واضحاً أنهم بصدد إجهاضه.‏

وقد عبر بعض الوزراء عن انزعاجهم من إحياء التحالف الرباعي معتبرين أنه يقضي على ما أسموه "روح 14 آذار"، واندفع بعض آخر للحديث عن رفضهم للتهميش وضرورة أن تكون لهم كلمة رئيسية، مستفيدين من أجواء اعتراض قوى أخرى في نفس الفريق.‏

وثمة معطيات وتحليلات تشير إلى أن هناك تقاطعاً حصل بين أطراف محلية وأخرى دولية ترفض الوصول إلى تسوية للأزمة الحالية لأن من شأن هذه التسوية أن تربك تحقيق أهدافها التي عملت من أجلها منذ بداية العام، وبذلت من أجلها جهوداً معنوية وسياسية ومادية، وهي لا يمكن أن تسمح بمزيد من الخيبة لجهودها مرة أخرى.‏

إزاء هذا الواقع هيمنت على الأجواء العديد من التساؤلات حول الحكمة في ربط التوافقات الداخلية برضا أو عدم رضا الخارج عنها، وهو غالباً ما يريد تحقيق مصالحه الخاصة حتى ولو كانت على حساب مصلحة التوافق بين اللبنانيين بما يخدم مصلحتهم العليا؟‏

إضافة إلى ذلك ثمة تساؤل آخر: لمصلحة من جرى تعطيل التفاهم وبالتالي معالجة الأزمة؟ وهل ثمة أطراف محلية ترغب ببقاء الوضع على ما هو عليه من المراوحة، وما هي مصلحتها؟ وهل هذه المصلحة تنطلق من حسابات لبنانية وطنية أم حسابات ضيقة؟ أم أن هذه العرقلة تهدف إلى كسب مزيد من الوقت وبالتالي تحسين شروط التفاوض؟‏

على ما يبدو أن الأجواء خلال الأيام المقبلة ستبقى على حالها من التشاؤم بانتظار عودة الرئيس نبيه بري من الخارج لإجراء مزيد من المشاورات بين حزب الله وحركة أمل لأخذ القرار الملائم، وبذلك تكون الكرة مرة أخرى في مرمى فريق الموالاة في الحكومة الذي عليه أن يقدم الأجوبة التي على ضوئها ستتخذ قيادتا حزب الله وحركة أمل الموقف المناسب منها.‏

سعد حميه‏

2006-10-30