ارشيف من : 2005-2008
تحت المجهر
تحت
المجهر
تحديات وآفاق حزب شارون بعد غيابه
بقلم:
علي حيدر
ما لنا كلبنانيين وللحديث عن حزب أسسه رئيس حكومة العدو، أريئيل
شارون، الذي تعرض لجلطة دماغية أبعدته عن زعامة الحزب وعن رئاسة الحكومة، ووضعت
علامات استفهام حول مستقبل هذا الحزب وحول المشهد السياسي الإسرائيلي برمته... خاصة
أنه يكفينا ما يواجهه لبنان من تحديات ومشاكل قد تكون الأولى بالمتابعة والتحليل...
لكن بعد التذكير بحقيقة أن لبنان ليس جزيرة معزولة عن محيطها،
بل هو من اكثر البلدان تأثرا بتطورات محيطه لاسباب جغرافية وسياسية، فإن الاهتمام
بما يدور في هذا المحيط يصب في النهاية في استشراف آفاق الوضع على الساحة
اللبنانية، ويمكّن من تحديد الموقف الذي يخدم المصلحة اللبنانية... وأيضا ينبغي أن
لا ننسى المقولة التي سبق التطرق إليها في مناسبات مختلفة بأن الطرف الإسرائيلي
يشكل عنصرا أساسيا من عناصر الوضع السياسي الإقليمي المطلوب رصد واقعه وآفاقه لصلته
وتداعياته وأثره المباشر على الوضع السياسي والأمني في المنطقة. وعليه فمتابعته هي
جزء من متابعة كل ما يؤثر ويساهم في بلورة وتوجيه الأحداث الإقليمية التي يشكل
لبنان جزءاً لا يتجزأ منها.
لعل من المفاتيح الأساسية لفهم واقع ومستقبل الحراك السياسي
الداخلي في الكيان الإسرائيلي الانطلاق من فرضية أن مستقبل حزب شارون (كديما/ إلى
الامام) سيحدد المشهد السياسي العام سواء بهذا الاتجاه أو ذاك. لكن كي يتمكن هذا
الحزب من مواصلة دوره المؤثر أو المهيمن على المنظومة الحزبية والسياسية الداخلية،
فهو مضطر إلى مواجهة مجموعة من التحديات والاستحقاقات التي تشكل شرطا ضروريا
لنجاحه:
- انتخاب خليفة لشارون: غاب شارون عن قيادة الحزب بدون تحديد
آلية لانتخاب خليفة له، وعليه فإن بروز صراعات ومناكفات بين المتنافسين على رئاسة
الحزب وبين أتباع كل منهم ستظهرهم كمن يستغل غياب الزعيم المؤسس لمصالح ذاتية،
وبأنهم ليسوا اهلا لمواصلة طريقه، وهو ما قد يؤدي إلى فرار الناخبين من حولهم.
- مواجهة إعادة المنشقين إلى أحزابهم الأم: المعروف عن حزب
كديما انه تم تجميعه من الليكود والعمل وآخرين... ومع غياب شارون طُرحت تساؤلات حول
إمكانية عودة المنشقين أو بعضهم إلى أحزابهم الاصلية، وخاصة ان كلاً من الليكود
والعمل سيعمل على تفتيت الحزب الذي قذف بهما إلى الهوامش في محاولة لإعادة الثنائية
الحزبية والمعسكراتية بين الليكود وحلفائه والعمل وحلفائه.
- برمجة أفكار شارون: الثقة والتأييد التي نالها حزب كديما في
استطلاعات الرأي كانت مبنية على الثقة والتأييد الذي كان يحظى به شارون من قبل
الجمهور ولايمانه بقدراته القيادية. بعد الانسحاب من قطاع غزة واخلائه من
المستوطنين وحديثه عن ان إسرائيل لن تُبقي على جميع المستوطنات في الضفة الغربية،
عزز هذا الأمر من الثقة الجماهيرية به، وبالتالي كانت تكفي من شارون عناوين عامة
لبرنامجه السياسي والمقولة التي كان يرددها "اعتمدوا عليّ" لكسب التأييد الشعبي.
أما الآن فلا يوجد داخل الحزب من يمتلك الرصيد الذي كان يمتلكه شارون، وبالتالي ففي
حال عدم ترجمة الحزب لأفكار شارون إلى برامج مفصلة تلبي ما كان يتوقعه الجمهور منه
والاكتفاء بالعناوين العامة التي اطلقها "إقامة دولة فلسطينية شرط ان ينتهي الصراع
بين الشعبين..." يشكل عنواناً عاماً جداً لأنه قرن ذلك بالحديث عن إبقاء إسرائيل
على "الكتل الاستيطانية الكبرى وضمها إليها"، وعلى "مناطق أمنية حيوية"، و"أماكن
ذات أهمية قومية وتاريخية"، و"القدس الموحدة".. كل هذه عناوين لا تميز حزب كديما في
الكثير منها عن الليكود إذا ما تم الاكتفاء بها، وهو ما ليس في مصلحة الحزب.
ومن اجل عدم الوقوع في الالتباس فإن ما نُشر من استطلاعات رأي
بعد دخول شارون إلى المستشفى وأظهر استمرار تقدم حزب كديما على بقية الاحزاب، تعتبر
استطلاعات غير علمية كونها تتم تحت تأثير الصدمة والحزن... وربما نحتاج إلى بضعة
أسابيع حتى تتضح العديد من المعالم... وخاصة أن شارون اطلق خلال ولايته العديد من
المواقف المتناقضة والعامة التي يمكن الاختلاف جداً في تفسيرها وهكذا سيجد كل من
اتباعه في مواقف شارون ما يبرر له مواقفه، وان يأخذ منها ما يحلو له... وستتحول هذه
المواقف إلى عناوين تحت الطلب.
في النهاية فإن من سيحدد الخارطة الحزبية في إسرائيل هم ناخبو
الوسط كونهم الكتلة الجماهيرية التي تتنافس عليها اغلب القوى السياسية من اليمين
واليسار، خاصة الليكود والعمل اللذين عادة ما يحاولان خلال الحملات الانتخابية ان
يقدما نفسيهما كأحزاب وسطية بهدف الاستقطاب.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018