ارشيف من : 2005-2008
تحت المجهر:ماذا بعد انتهاء فترة التهدئة؟
مع نهاية العام 2005 انتهت فترة التهدئة التي أعلنت عنها فصائل المقاومة الفلسطينية من خلال ما عُرف باتفاق القاهرة في آذار العام الماضي. وبالتالي فالسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا بعد انتهاء فترة التهدئة؟
من الناحية النظرية يمكن افتراض وعرض العديد من السيناريوهات بدءاً من استمرار الوضع على ما هو عليه، وصولا إلى الانفجار الكبير وما بينهما.. ولكن بالاستناد إلى المعطيات السياسية والأمنية يمكن الإشارة إلى ما يلي:
ـ سقط خلال ما عُرف بفترة التهدئة منذ شهر آذار الماضي مئات الشهداء الفلسطينيين، وأكثر من 1500 جريح، فضلاً عن آلاف المعتقلين. وبالتالي فإن الحديث عن تمديد للتهدئة أو إعادة تجديدها يعني مئات أخرى من الشهداء والجرحى، وآلاف المعتقلين الذين سينضمون إلى إخوانهم في المعتقلات والسجون.
ـ أن الوضع الأمني في فلسطين محكوم بعدة عوامل سياسية وغير سياسية لا علاقة لها بالتواريخ الزمنية، وإنما بالحراك السياسي الداخلي على الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية، وما بينهما، وبالاستحقاقات المقبلة، منها الانتخابات الفلسطينية التي إن لم يُحسم تأجيلها ستبقى حاضرة في اعتبارات الطرف الإسرائيلي ولدى بعض الفصائل الفلسطينية في أي عمل عسكري قد تقدم عليه، كما ان تأجيلها سيكون له أثره أيضا على مسار الأحداث الأمنية. والأمر نفسه ينطبق على التنافس الانتخابي الإسرائيلي الحاضر بقوة لدى المستوى السياسي في كل خطوة سياسية أو أمنية قد يقدم عليها.
ـ وعليه، فإن الوضع في مرحلة ما بعد انتهاء فترة التهدئة سيكون امتداداً لما قبلها. وان سلكت الأوضاع مسارات أخرى بهذا الاتجاه أو ذاك فهو لسياقات سياسية وغير سياسية لا علاقة لها بالتواريخ الزمنية.
ـ لكن أمام الدعوات إلى استمرار التهدئة ينبغي التذكير انه قد يكون لقرار التهدئة الذي اتخذته الفصائل الفلسطينية مع مطلع السنة الماضية حيثياته المرتبطة بالترددات التي أحدثها غياب عرفات، وما رافقه من رهانات ومحاولات إغراق الساحة الفلسطينية في صراعات داخلية انطلاقاً من تبني السيد أبو مازن لخيارات مغايرة لنهج عرفات في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته. الا انه بعد هذه التجربة التي واصل فيها العدو عدوانه على الشعب الفلسطيني، وهو ما اظهرته الاحصاءات على مستوى الشهداء والجرحى والمعتقلين، وبعد عدم تلبية العدو لأي مطلب من مطالب الشعب الفلسطيني، سواء على مستوى الأسرى والمعتقلين أو على مستوى بروز مؤشرات تدل على ان مساراً ما قد انطلق لإنهاء احتلال الضفة الغربية (بعد أن حررت المقاومة قطاع غزة)... لا يوجد أي معنى لتمديدها حتى لو كان على قاعدة التبادلية. لأن توفير الأمن للعدو وهو يحتل الأرض ويوسع الاستيطان ويرفض إطلاق سراح الأسرى ويواصل مختلف اشكال الاعتداءات، إنهاء لفعالية المقاومة التي طالما سعى لتحقيقها العدو، وان تم تحت عنوان التهدئة أو غيره.
علي حيدر
الانتقاد/ تحت المجهر ـ العدد 1143 ـ 6 كانون الثاني/ يناير 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018