ارشيف من : 2005-2008

من تداعيات فوز حماس على الفكر السياسي الاسرائيلي

من تداعيات فوز حماس على الفكر السياسي الاسرائيلي

كتب علي حيدر‏

المتابع لتاريخ الكيان الاسرائيلي وتياراته السياسية يُلاحظ ان مُجمل الفكر السياسي الاسرائيلي مر بتحولات متعددة بفعل التطورات التي شهدها الكيان والمنطقة، وبشكل اكثر تحديدا حركة الصراع العربي ـ الاسرائيلي. ومن المحطات الاساسية التي كان لها اثر بارز على هذه التحولات، الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 وانتفاضة الاقصى التي بدأت عام 2000 وما زالت مستمرة... والتي ترتب على كل منها من النتائج السياسية والحقائق التي فُرضت على ارض الواقع ما ادى الى سقوط مقولة ارض "إسرائيل" الكاملة..‏

في هذا السياق تُطرح التساؤلات حول ما اذا كان فوز حماس في الانتخابات التشريعية الاخيرة سيكون له تداعيات على مضمون الفكر السياسي الاسرائيلي، سواء اليميني منه او اليساري... وحول ذلك يمكن تسجيل ما يلي:‏

- لا بد من التأكيد ان المقصود بالفكر السياسي هو ذلك النتاج الذي يؤسس لرؤية معينة لحركة الواقع... ويؤسس لها الاستراتيجيات... ويزود الممارسة بأجوبة عن الاشكاليات التي تطرحها التجربة الميدانية. مع الاشارة الى انه ينبغي ان لا يتبادر الى الاذهان ان العلاقة بين التطورات وتداعياتها "الفكرية" هي علاقة حتمية، وإنما علاقة يوجد فيها للظروف الاجتماعية والثقافية وغيرها... دور في بلورة محتوى هذه التداعيات وتسريعها وتوجيهها... بشكل أ بآخر.‏

- ان فوز حركة حماس بمعظم مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، وان كان له أبابه المتعددة، لا يسمح بتجاوز حقيقة ان الشعب الفلسطيني قد اختار فصيلاً مقاوماً ليعبر عن توجهاته وخياراته وإارة شؤون حياته. وهو ما يُبدد الشكوك التي قد تكون راودت البعض بأن التنكيل الذي مارسه الجيش الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في كل من الضفة والقطاع، قد دفعه الى مراجعة خياراته حول جدوى خيار المقاومة،وواقعيته في ظل موازين القوى الحالية. وعليه يمكن القول بأن من أهم ما قد يترتب على هذه الحقيقة في الوسط الاسرائيلي هو القناعة التامة بأن لا امكانية لفرض اي تسوية على الشعب الفلسطيني لا تحظى على الاقل بمدى معين من القبول، وهو ما سينعكس رؤى واستراتيجيات وأداءً مختلفاً في المراحل المقبلة.‏

- كثيراً ما ردد القادة الاسرائيليون مقولة انه لا يوجد شريك فلسطيني للتسوية تُمكن من الوصول الى غاياتها المرسومة بعد انطلاقة وآمال راودت المخططين في كل من البيت الابيض والكنيست الاسرائيلي حول امكانية فرض صيغ مقولبة على الواقع الفلسطيني والمنطقة، سواء بادعاء ان القيادة الفلسطينية اما لأنها لا تريد او لانها لا تستطيع. لكن بعد فوز حركة حماس يبدو ان الصورة التي ستطغى بدءاً من الان هي حقيقة انه لا يوجد شعب فلسطيني شريك في عملية سياسية مبنية على تضييع المساحة الاكبر من فلسطين، واضفاء صفة الشرعية على الاحتلال الاسرائيلي لها.‏

- الخلاصة الاساسية التي قد لا يجرؤ العديد من الاسرائيليين بالاضافة الى بعض قادة العرب عن الافصاح عنها، هي ان عودة النقاش ومن موقع السلطة الى اصل الاعتراف بـ"اسرائيل" تعني عودة الى ما قبل المربع الاول للتسوية... كما تعني بالتداعي انه لا يوجد امكانية لحل دائم ونهائي مع هذا العدو ما دام لا يوجد حل عادل، الذي من ابسط شروطه وقواعده، عودة الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها عودته الى ارضه، بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى.‏

الانتقاد/ تحت المجهر ـ العدد 1149 ـ 17 شباط/فبراير 2006‏

2006-10-30