ارشيف من : 2005-2008
الموت لامريكا
مشهد الموت المدوي في أزقة وشوارع واسواق العراق، ومنها ما حصل خلال الايام الماضية في مدينة الصدر، حيث تناثرت اشلاء الابرياء في مساحات السوق، وسال دم الباعة الساعين وراء لقمة اطفالهم.. وتحولت ضاحية الفقر الى موكب واحد في جنازات متفرقة، القاسم المشترك بينها هو عويل وبكاء على من غادرهم من أحبتهم.
انه مشهد اسود من الوان الموت الذي بات سمة العراق، انه عقاب من يتطلع الى غد يكون فيه بلده حراً من غير اميركي، إنها النزعة الى القتل والخراب التي باتت تتملك أولئك الذين ما عادوا ينظرون الى الابرياء الا كونهم ضحايا.. يتساقطون على الارصفة، وفي الاسواق وعلى ابواب المساجد والحسينيات، انه مصير الاطفال الذين انتظروا حلمهم الوردي في حدائق ومدارس يرسمون فيها مستقبلهم.. لكن هؤلاء اما باتوا تحت التراب او على اسرّة المستشفيات.. حتى المراقد المقدسة التي حمتها عيون المؤمنين طوال عقود من زمن النظام البائد باتت في عهد الاحتلال الاميركي لقمة سائغة للزرقاويين يفجرونها ويقتلون قاصديها، واسياد هذا الاحتلال لا يملكون حيال الموت اليومي الا الرقص على اشلاء الضحايا، على وقع معزوفة قبيحة لا يشك احد انها صنيعة البيت الابيض.
كثير من اللبنانيين حين شاهدوا الموت يجتاح العراق لا سيما في جولته الاخيرة تذكروا جيداً مشهدين مقتطعين من تاريخهم في اذار، مجزرة بئر العبد في 8 اذار عام 1985 التي راح ضحيتها أكثر من مئة شهيد من النساء والأطفال الذين كانوا غادروا المسجد لتوهم، بعد أن أدوا صلاة الجمعة، ودلت كل التحقيقات التي أجريت في وقتها أن هذه المجزرة الإرهابية كانت صناعة اميركية. المشهد الاخر هو الغزو الإسرائيلي للجنوب في 14 آذار من العام 1978 او ما سمي بعملية الليطاني، وكان من نتائجها أول مشروع كياني للعملاء من خلال "دولة سعد حداد" التي وجدت لتكون متراس الحدود الشمالية للكيان الغاصب، في عدوان اذار استباح العدو الجنوب زارعاً الموت في كل مكان، ومنجزاً عددا من المجازر في عدلون والعباسية والغندورية... ولا ينسى احد الدبابة الاسرائيلية التي صعدت على طريق بلدة جويا فوق سيارة اجرة كانت تقل عدداً من ابناء بلدة تولين ليقتل كل من فيها.. ولتنتهي العملية بأكثر من خمسمئة شهيد.
انه الموت.. على يد الاسرائيلي او عملائه، عصابات الزرقاوي او غيره او.. لا احد يشك للحظة ان الاميركي غير بريء منها، ما دام الموت هو وقود مشاريعه وخططه للمنطقة الجديدة التي يحلم ان تكون في قبضته.. وما دام يسعى لأن يكون الخوف هو سيد القلوب.
بعد كل مجزرة او اعتداء ارهابي يخرج العراقيون ليلملموا اشلاءهم وبقايا وحدتهم في مواجهة الاميركي الذي يريدهم متناثرين وهتافهم يعلو اكثر "الموت لامريكا".. كما هم اللبنانيون الذين خاطبوا الاميركيين والصهاينة منذ بدء غزوات الموت بكلمة الامام الخميني (قده): اقتلونا فإن شعبنا سيعي أكثر فأكثر.
أمير قانصوه
الانتقاد/خلف القناع ـ العدد 1153 ـ 17 آذار/مارس 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018