ارشيف من : 2005-2008
لماذا اعتقلت القوات الإسرائيلية أحمد سعدات ورفاقه من سجن اريحا؟
يشكل اقتحام القوات الإسرائيلية لسجن أريحا بعد خلوه مباشرة من المراقبين البريطانيين والأميركيين تمهيداً لدخول الجيش الإسرائيلي واعتقال امين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "احمد سعدات" واللواء فؤاد الشوبكي المتهم بتنظيم رحلة سفينة "كارين ـ إي" ورفاقهما، يشكل حدثا استثنائيا بكل ما لهذه الكلمة من معنى سواء من حيث مضمونه أو توقيته أو دلالاته. لكن السؤال الأساسي في هذا المجال يكمن في تحديد الأهداف الكامنة وراء الإقدام على هذا العمل وفي هذا الوقت بالذات؟:
- شكل فوز حركة حماس تغييرا جذريا في المشهد السياسي الفلسطيني كونه يؤسس لمعادلات جديدة بين السلطة الفلسطينية والكيان الاسرائيلي، طبيعي أن يكون من أولى تداعياتها إطلاق سراح "احمد سعدات" واللواء الشوبكي... وعليه فإن اعتقالهم ونقلهم إلى السجون الإسرائيلية يمثل، في بعضٍ من وجوهه، جزءا من الردود الإسرائيلية على فوز حركة حماس والتفافا على محاولة تحريرهم، فضلا عن كونها تهدف إلى إرباك الساحة الفلسطينية في مسيرة بلورة واقع سياسي جديد..
- أهمية منع إطلاق سراح سعدات ورفاقه تتجاوز في أبعادها الجانب المرتبط بهم كمناضلين قياديين في المقاومة الفلسطينية، وصولا إلى الحؤول دون تحقيق إنجاز سياسي سيكون له أصداؤه الإيجابية الكبيرة في صفوف الجمهور الفلسطيني، باعتبارها أولى ثمار وصول فصيل مقاوم أساسي إلى السلطة، فضلا عما سيمثله من ترجمة لتحرير القرار السياسي الفلسطيني من الضغوطات الأميركية والإسرائيلية، وتجسيد عملي للصورة المقدمة عن الفارق العملي بين أن تكون السلطة مقاوِمة وبين كونها تتبنى المفاوضات السياسية كنهج وحيد لمعالجة القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني.
- ايضا توقيت هذا الاعتداء الإسرائيلي وتنفيذه على مسافة 14 يوماً من موعد إجراء الانتخابات العامة في الكيان الإسرائيلي (28/3/2006) يؤكد الخلفية السياسية والانتخابية لهذا العمل، وخاصة أن ديدن هذا العدو هو استخدام الدم الفلسطيني مادة للتنافس الانتخابي انطلاقاً من توظيفه المتكرر لاعتداءاته على الشعب الفلسطيني في الصراع السياسي والانتخابي الداخلي عبر محاولة إظهار الطرف المُمسك بالقرار السياسي، الحزم والحرص على أمن "إسرائيل" عبر الأداء الدموي في مواجهة الفلسطينيين، ومحاولة الأطراف المعارضة المزايدة عبر الدعوة إلى المزيد... وهكذا يحاول كل طرف تسجيل النقاط، بحبر الدم الفلسطيني، في سجل الآخر.
- ما تقدم يبين ايضا الميول العنصرية للجمهور الإسرائيلي، وإلا فما معنى تشخيص كل قيادي إسرائيلي بأن عليه، كي يكسب ود وتأييد الجمهور، أن يسفك المزيد من الدماء الفلسطينية، وأن يتشدد في المطالب السياسية والأمنية، وبالتالي على جميع المراهنين إزاء ما قد يتمخض عن الحراك السياسي الداخلي الإسرائيلي من طروحات وخارطة سياسية تعيد إحياء مسيرة التسوية من جديد، أن يعيدوا حساباتهم ويكفوا عن رهاناتهم التي يعود لها، من ضمن مجموعة أسباب، الفضل في إيصال الواقع السياسي الفلسطيني إلى ما هو عليه الآن؟!.
في هذا السياق يحضر بقوة التواطؤ الأميركي البريطاني الوقح عبر سحب مراقبيهما قبيل "الحملة" الإسرائيلية برغم التعهدات والضمانات التي قدماها في العام 2002، مع ما ينطوي عليه من عبر، ينبغي على الشعبين الفلسطيني واللبناني خاصة والشعوب العربية والإسلامية عامة، التوقف عندها كونها تُظهر مدى هشاشة الركون إلى الضمانات الأميركية والدولية عندما يكون أحد أطراف الحدث الكيان الإسرائيلي. فهل من متعظ؟
علي حيدر
الانتقاد/ تحت المجهرـ العدد 1154 ـ 24 آذار/مارس 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018