ارشيف من : 2005-2008

طرح الانسحاب الأحادي من الضفة الغربية في سياق البدائل الإسرائيلية

طرح الانسحاب الأحادي من الضفة الغربية في سياق البدائل الإسرائيلية

لا يختلف صهيونيان، في الكيان الإسرائيلي، على "حق اليهود التاريخي بأراضي فلسطين التاريخية، ومن ضمنها الضفة الغربية تحديدا، التي تعتبر بنظرهم مهد اليهودية وفقا لتعبير لأريئيل شارون واخرين..."، برغم ذلك، نجد ان هناك تباينات في المواقف السياسية بين وداخل التيارات السياسية الصهيونية، حول اصل الانسحاب أو حجمه أو توقيته...‏

التفسير المنطقي الوحيد لاقتران الإجماع حول "الحق اليهودي في الأرض الفلسطينية" بالتباينات في المواقف السياسية حولها، انه يعود إلى الاختلاف في الرؤية للواقع السياسي وظروفه وموازين القوى، ولمدى انعكاسها على مواءمة الأيديولوجية مع هذا الواقع، وبمعنى اكثر مباشرة: أي مدى سماح الظروف السياسية القائمة وموازين القوى، بالمعنى الواسع للكلمة، بترجمة الايديولوجية ومتطلباتها على ارض الواقع...‏

لذا نجد في التاريخ الإسرائيلي جهات أو شخصيات امتنعت أو عارضت احتلال مناطق محددة في مرحلة معينة، ثم عادت وسعت إلى احتلالها في مرحلة لاحقة... وعليه يصبح من الواضح أن خروج أو إخراج "إسرائيل" من أراضٍ محتلة، لا يعني خروج هذه الأرض من دائرة أطماعها.‏

على ضوء ما تقدم، أعلن حزب كديما الصهيوني الذي احتل المرتبة الأولى في الانتخابات الإسرائيلية للكنيست السابع عشر، عزمه على القيام بانسحاب احادي من الضفة الغربية، وهو ما يدفع إلى محاولة استشراف المسار السياسي الذي طُرح في سياقه.‏

منذ ان احتلت "إسرائيل" الضفة الغربية وقطاع غزة، عملت بداية على تهيئة الشروط التي تمكنها من ضمها إلى الكيان الإسرائيلي، الا انها باءت بالفشل... لاسباب ديمغرافية وسياسية... وفي نفس الوقت رفضت كل دعوات الانسحاب منها واعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل عام 1967، وكان الخيار الإسرائيلي ما بين الضم والانسحاب، هو باستمرار احتلال هذه الاراضي، بل مع إصرار على استمراره، وإن تحت عناوين ومسميات متعددة...‏

التطورات التي شهدها الداخل الإسرائيلي بدءاً من الانتفاضة الأولى عام 1987... مرورا بالتطورات الإقليمية والدولية ثم انطلاقة انتفاضة الأقصى عام 2000، وما شهدته من مراحل صراع عجزت خلالها الآلة العسكرية الإسرائيلية عن القضاء على المقاومة، أعادت الخيارات الرئيسية إلى طرح نفسها من جديد على ساحة البحث.. فمن جهة لا إمكانية للضم، ولا انسحاب إلى حدود الـ67، ولم يعد بالإمكان استمرار الاحتلال بالصيغة التي كان عليها... فما كان من العقل الإسرائيلي الا ان اجترح خيار الانسحاب الأحادي من غزة ومن مساحات معينة من الضفة الغربية، بما يحقق أطماعا توسعية وحاجات أمنية وأهدافا سياسية تتعلق بالكيان السياسي الفلسطيني المخطط أميركيا واسرائيليا لانشائه، كبديل عن الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقرار الحر.. وهو ما يسعى إليه حزب كديما للمرحلة المقبلة، تحت عنوان خطة "الانطواء" التي يراد منها ترسيم الحدود الشرقية للكيان الإسرائيلي بشكل احادي الجانب.. فهل يستطيع ايهود اولمرت ان ينهي الصراع مع الفلسطينيين بخطوات احادية من دون مفاوضات أو تنسيق مع الفلسطينيين، ام انه في المحصلة النهائية "سيتنازل" عن اوراق مساومة "إسرائيل" لتدخل مفاوضاتها لاحقا مع الفلسطينيين من دونها.. وهل ما زال هناك مكان لمعادلة الانسحاب من جزء من الأرض مقابل شرعنة الاحتلال للجزء الآخر والأكبر منها، فيما يُسمى "الأرض مقابل السلام" اصل الإجابة عن ذلك منوطة بالفلسطينيين انفسهم وصمودهم واصرارهم على حقهم، ومن حكومة حماس تحديدا في هذه المرحلة التاريخية التي تمر بها القضية الفلسطينية.‏

علي حيدر‏

الانتقاد/ تحت المجهر ـ العدد 1155 ـ 31 آذار/مارس 2006‏

2006-10-30