ارشيف من : 2005-2008

آفاق المسار السياسي الفلسطيني بعد الانتخابات الإسرائيلية

آفاق المسار السياسي الفلسطيني بعد الانتخابات الإسرائيلية

تتجاوز العملية الانتخابية الإسرائيلية العامة كونها استحقاقا تفرضه القوانين المعتمدة في الكيان الإسرائيلي بهدف انتخاب الجمهور لممثليه في الكنيست، إلى اعتبارها محطة سياسية لها ما قبلها وما بعدها، وحدثا قد يتحول مفصليا في المسار السياسي الاقليمي وفقا للبرامج السياسية المتبناة ولموازين القوى التي تفرزها هذه الانتخابات.‏

وعليه تصبح هذه الانتخابات مناسبة لاستشراف مسارات الأحداث على ضوء العملية الانتخابية ونتائجها:‏

ـ الملاحظة الأولى في هذا السياق أن السقف السياسي للأحزاب الإسرائيلية المتنافسة، بما فيها الأكثر يسارية، لا يتساوق مع السقف السياسي الذي يطرحه أنصار أوسلو (من الفلسطينيين) وأتباع النهج التفاوضي كخيار وحيد في التعامل مع "إسرائيل"، دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس وفقا لحدود حزيران الـ67 مع (حل عادل) للاجئين.. فكيف مع الحد الأدنى الذي يمكن أن تتكيف معه فصائل من المقاومة ولو كخطوة مرحلية.‏

ـ التباينات التي تظهر جليا بين مواقف الأحزاب الإسرائيلية المرتبطة بقضايا الساعة لا تخدش موارد الإجماع القومي بين هذه القوى التي من ضمنها رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم، عدم الانسحاب إلى حدود الـ67، فضلا عن عدم تسليم كامل القدس الشرقية الى الفلسطينيين.‏

ـ هذه الحقائق تظهر بوضوح أن الوضع السياسي في فلسطين يحده سقفان سياسيان لا تسمح ثوابت كل منهما باجتراح مساحة مشتركة تشكل أرضية للانطلاق نحو اتفاق سياسي شامل يتناول كل قضايا التسوية.. وفي هذه الحالة عادة ما يلجأ أحد الطرفين إلى كسر إرادة الطرف الآخر لتخفيض سقفه أو لدفعه للقبول بإملاءات الآخر.‏

ولما سبق للعدو ان استنفد رهاناته وأساليبه الأمنية والعسكرية للقضاء على المقاومة في فلسطين، أصبح بالإمكان القول:‏

ان المسارات تتجه نحو أحد خيارين: إما المراوحة وإما الإقدام على خطوات أحادية. ويبدو من الخطوات السابقة (إخلاء المستوطنات من غزة ومن جزء من شمال الضفة) ومن المواقف المعلنة أن الحزب الحاكم الذي سيُشكل الحكومة بالائتلاف مع آخرين، عازم على القيام بانسحابات أحادية من الضفة الغربية بما يتلاءم مع الاعتبارات الأمنية والسياسية.. لكون الخيار الأول أكثر كلفة لما ينطوي عليه من استنزاف سياسي واقتصادي وأمني لـ"اسرائيل".‏

وعليه فإن الخطوات المرتقبة في أعقاب تشكيل الحكومة التي سترتكز على حزبي كاديما والعمل كشريك أساسي في الحكومة (وليس مجرد طرف من أطرافها)، تستند إلى اعتماد تكتيك الاستعداد لإجراء مفاوضات وفق خارطة الطريق والدعوة إلى تفكيك فصائل المقاومة بناء على المرحلة الأولى منها.. الذي لا ولن يقبل الطرف الفلسطيني بها.‏

في هذه الحالة تكون "إسرائيل" قد ألقت تبعة عدم تحريك المسار السياسي على الطرف الفلسطيني تثبيتا لمقولة عدم وجود شريك للتسوية، بهدف تهيئة الأجواء الدولية للموافقة على خطوة الانسحاب الأحادي.. وكجزء من هذا التكتيك سنشهد حركة دبلوماسية إسرائيلية باتجاه دول القرار الدولي، وصولا إلى إنضاج الظروف السياسية الملائمة للانطلاق نحو الخطوة التالية المتمثلة بالانسحاب الأحادي من أجزاء من الضفة.‏

أما على المستوى الأمني فيمكن التقدير أن هذا المسار الأحادي سيكون من متطلباته الميدانية تصعيد الاعتداءات العسكرية في مراحل تحدد وفقا للاعتبارات السياسية والأمنية على حد سواء، هذا إضافة إلى مواصلة النهج الاعتيادي باستهداف الكوادر والناشطين الفلسطينيين مع حضور اعتبار سياسي مستجد لهذه العمليات الأمنية، يتمثل بمحاولة حشر حركة حماس لتطويعها أو إسقاطها.‏

علي حيدر‏

الانتقاد/ تحت المجهر ـ العدد 1156 ـ 7 نيسان/أبريل 2006‏

2006-10-30