ارشيف من : 2005-2008

إعلاميون ومثقفون وناشطون في "مجموعة كلنا للوطن": كي لا تتكرر الحرب... وكي لا يضيع لبنان !

إعلاميون ومثقفون وناشطون في "مجموعة كلنا للوطن": كي لا تتكرر الحرب... وكي لا يضيع لبنان !

تداعت مجموعة من الاعلاميين والمثقفين والناشطين في هيئات المجتمع المدني تحت تسمية "مجموعة كلنا للوطن" وتوافقت على اطلاق حملة ضد العنف والحرب في لبنان واختارت نصري الصايغ منسقاً موقتاً لمتابعة المبادرة. و"النهار" تنشر البيان الذي حمل عنوان "كي لا تتكرر الحرب":‏

"يتخوف عدد كبير من اللبنانيين، من عودة العنف الى لبنان. ينظرون بقلق الى حاضرهم، ويستحضرون ذاكرة الماضي، لا يرغبون بنقل المشهد الدامي الى مستقبلهم.‏

مبعث خوفهم المشروع اصطفاف طائفي حاد، يقسمهم معسكرات مجهزة بالمواقف السياسية المتعاكسة، وخطاب سياسي يفصح عن توتر شديد، يبيت نيات حادة، يجرؤ على اتهام الآخر، اما بالخضوع لاملاءات خارجية، او بتبني اجندة غير لبنانية، او الانخراط في مشاريع اقليمية.‏

مصدر خوف اللبنانيين: آلة الاغتيال لم تتوقف بعد عن حصد عدد كبير من رجالات لبنان السياسيين والاعلاميين والفكريين، وامكان استمرار هذه الآلة المجرمة، فيما الفرقاء اللبنانيون الذين يمثلون طوائفهم تمثيلاً مبرماً، يختلفون في كيفية التعامل مع الوسائل التي تقود الى كشف الحقيقة ومعاقبة المجرمين.‏

وأصل الخوف، ايضاً، ان القوى السياسية ذات الثقل التمثيلي، لم تستطع حتى الآن، ان تجد لغة واحدة وشفافة وحقيقية وذات دلالات لا لبس فيها، تتعامل بواسطتها مع القرارات الدولية، وتحديداً مع القرار 1559، القاضي بنزع السلاح من الميليشيات الفلسطينية واللبنانية، وما قد يستتبع ذلك، فتح الابواب امام تفسيرات موقتة، تبيت شكوكاً متبادلة، حول قرارات جاهزة، لحسم مسألة سلاح المقاومة.‏

من حق المقاومة ان تخشى نزع سلاحها، بقرارات دولية منحازة غالباً لـ"اسرائيل". ومن حقها ان تخاف على قوة لبنان وتأهيله وفق الشروط الدولية، ليصير بلداً ضعيفاً، يتسول حقوقه على عتبات اقفلت ابوابها بوجه قضاياه المحقة، عقوداً طويلة.‏

اللبنانيون، يزداد خوفهم من تراكم القضايا وتعقدها وتشابكها وعجز الحكومة المؤيدة بأكثرية مريحة، عن التعاطي معها بنجاح: مزارع شبعا، العلاقات اللبنانية ـ السورية المأزومة ـ، ترسيم الحدود، نزع سلاح الفلسطينيين خارج المخيمات، المحكمة الدولية، توسيع عمل لجنة التحقيق الدولية، وقف مسلسل الاغتيالات، عقد الحوار الوطني...‏

اللبنانيون يشعرون بأنهم ينزلقون الى الحرب، عندما يجتهدون في تفسير الحروب الكلامية، والتصريحات الاتهامية، والمواقف اللارجعة عنها، واشعال الساحة بالمهرجانات والزيارات المتكررة، والتي تتخذ لوناً طائفياً، يذكر بسواد الايام الماضية.‏

من حق اللبنانيين ان يخافوا، ولكل خوفه المشروع.‏

من حقهم ان يخافوا من ضياع الحقيقة وعدم معاقبة المجرمين.‏

من حقهم ان يخشوا على سلاح المقاومة، وتقديمه هدية.‏

من حقهم ان يشعروا بقلق مصيري على تحويل لبنان ساحة صراع اقليمية ودولية، تتم فيها تصفية قضايا اقليمية دولية بدماء اللبنانيين.‏

من حقهم ان يخافوا كثيرا، لأنهم منقسمون في خوفهم: فطرف يخشى الاهتمام الدولي ويشكك به، وطرف يجد فلاح لبنان في هذا التأييد غير المسبوق.‏

من حقهم ان يخافوا، لان متاريس الكلام الطائفي المعلن، قد يتم إسقاطها على الجغرافيا اللبنانية الهشة، المؤهلة لاحتضان هذا الانقسام ورعايته.‏

اننا، اذ نستبعد ان ننزلق غدا الى عنف او الى حرب داخلية، نرى ان قرار الحرب الاهلية لا يولد الا بعدما تكون الحرب قد حبلت بلحظة الانفجار. الحروب الاهلية تنزلق اليها الجماعات، بعد سنين وشهور من التلبد السياسي واشتباك القضايا وتواتر الازمات، من دون القدرة على ايجاد حل لها. ان هذا التراكم المأسوي يقود المسيرة السياسية المأزومة الى حتفنا... لحظة ولادة الانفجار.‏

لكي لا نصل الى يوم الندم حيث لا ينفع الندم، وكي لا تتكرر الحرب مرة اخرى، وانطلاقا من خوفنا المشروع سنعمل وسع طاقتنا لمنع جنازات العنف والانزلاق اليها.‏

لذلك، ندعو السياسيين الى ميثاق يحرمون فيه اللجوء الى العنف، فليختلفوا قدر ما يشاؤون... وليقتربوا من الوفاق وسع ما يستطيعون. ليكن العنف حرامهم الوحيد. عنف اللغة، عنف الخطاب، عنف المواقف، عنف التحريض، عنف الشارع، لان العنف اللفظي توطئة للعنف المادي.‏

ندعو وسائط الاعلام، لترسم في مناخ الحرية، خطا احمر ضد العنف، يقيها العنف المادي اذا افلت من عقاله، لائحة الشهداء من الاعلاميين حلت في المرتبة الاولى من حيث عدد القتلى في الحروب اللبنانية الفائتة.‏

ندعو القوى والمؤسسات التربوية والجامعية والنقابية والمهنية والفنية والاتحادات كافة، الى تعميم ثقافة اللاعنف، في المدارس والجامعات والمؤسسات العامة والخاصة، ليكون شعار الجميع: كي لا تتكرر الحرب.‏

ندعو مؤسسات المجتمع المدني، بأنديته وقواه كافة، الى تبني مشاريع عمل ثقافية، دينية واجتماعية وعقد انشطة، لتعميم ثقافة التنوع والاختلاف وقبول ثقافة اللاعنف في حل المسائل اللبنانية الداخلية.‏

كي لا تتكرر الحرب هو شعار المرحلة، فهل سيلتئم شمل شابات وشباب لبنان حول هذا الشعار؟‏

مر لبنان بتجربة صعبة العام الفائت، برهنت فيها قيادته عن حكمة وصلابة وحسم، وبرهن فيها الشباب عن عطاء سلمي قل نظيره، فلنكمل المسيرة. ان لبنان يستحق السيادة والحرية والاستقلال والمقاومة والمنعة والقوة والتقدم والازدهار.‏

يفقد هذا الاستحقاق... اذا تورط بالعنف.‏

سيفقد جدوى البحث عن الحقيقة الناصعة، وسط الركام الوطني.‏

سيفقد المقاومة اللبنانية ويعرض وظيفتها الوطنية للخطر ويحرجها، عندما يتحول لبنان نارا ودخانا.‏

سيفقد الاول بدولة حديثة، وامن مستتب، ودور ريادي.‏

سيفقد جدارته بالحياة وسيتفوق في قدرته على الموت.‏

كي لا تتكرر الحرب.‏

او... كي لا يضيع لبنان‏

ندعو كل اللبنانيين الى الحوار البناء المسؤول والحر والمنتج العملي لمعرفة كل الحقيقة وحماية المقاومة وتعزيز الديموقراطية ومحاربة الفساد وتعميق الوحدة الوطنية.‏

فليعبّر كل واحد منا وعلى طريقته وبأسلوبه المبدع ضد عودة الحرب الاهلية.‏

كي لا تتكرر الحرب ندعو اللبنانيين الى المبادرة والعمل ضد العنف وضد تكرار اسباب الحرب ومنع عودة نظام الميليشيات. وليكن خيارنا دولة توحدنا لا حربا تقسمنا.‏

اكسروا الصمت وقولوا لا للعنف.‏

صحف "النهار"‏

2006-10-30