ارشيف من : 2005-2008

عشرة أيام لذكرى قداس بكركي .. البطريرك غاضب.. "حناجرهم قبور مفتّحة"

عشرة أيام لذكرى قداس بكركي .. البطريرك غاضب.. "حناجرهم قبور مفتّحة"

صحيفة الديار:‏

عشرة أيام لذكرى قداس بكركي .. البطريرك غاضب.. "حناجرهم قبور مفتّحة"‏

جوزيف أبو فاضل‏

يُعوِّل لبنان كثيراً على الإجتماع الشهري لمجلس المطارنة الموارنة، برئاسة غبطة الكاردينال ‏البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، وعلى البيان الذي يصدرعن هذا المجلس، لما يحمل من شمولية ‏وطنية، تضرب إيجابياتها كل مفاصل الدولة المهترئة وغير المهترئة، مما يحمل شعب لبنان العظيم ‏المقهور بمسؤوليه الكثير من الرضى والثقة والإحترام لبكركي وسيد بكركي.‏‏

بَيْدَ أن الحديث اليوم، يأتي متأخراً، أي في اليوم العاشر للذكرى ـ القداس على نية ‏الرئيس الشهيد رينه معوض، وكوني كنت مشاركاً في مؤتمر للتحكيم خارج لبنان، رأيت من ‏واجبي كلبناني من بابٍ أولى ومن ثم كمسيحي وكماروني من باب ثانٍ عندما عدت أن أتناول هذا ‏الموضوع الخطير في مضمونه وشكله وهو استبعاد مركز رئاسة الجمهورية عن قداس في ذكرى رئيس ‏جمهورية سابق وحصر الدعوة بمركزي رئيسي المجلس النيابي والحكومة، والأكثر من ذلك أن يخرج ‏الإحتفال كقداس إلهي في سابقة خطيرة جداً، وهو استعمال منبر بكركي، للطعن في شخص البطريرك ‏صفير وبرعاية البطريرك صفير ذاته، ومن هنا يُعوِّل اللبنانيون على أن يكون بيان المطارنة ‏الموارنة الذي سيصدر اليوم والذي يتناول فيه مختلف القضايا في البلاد، أقله، أن يتناول ‏قضية السُبابْ والشتائم والتحقير والقدح والذم، برئيس الجمهورية اميل لحود، من تحت جبة ‏بكركي.‏‏

أما الأمر الثاني الذي يدفعنا للبكاء على أطلال ذاك القداس فهو استغلال السيدة نائلة ‏معوض لغياب زوجها والتي كانت تتهم باغتياله يوماً رئيس كتلة الإصلاح والتغيير النائب ‏ميشال عون يوم كان رئيس حكومة لإرضاء حلفائها السوريين يومها أمثال الوزير المنتحر ‏غازي كنعان وعبد الحليم خدام وزوجاتهن لتنتقل و"تنقلب" عليهم لتتهمهم كسوريين باغتيال ‏زوجها، لكنها تكون في السنوات الماضية قد أقامت القداديس على نية زوجها وكان يتقدم ‏الحضور في زغرتا شخصية سورية قتلت زوجها بنظرها اليوم! أم قبل اليوم؟!‏‏

ومن ثم تقوم بتوجيبهم في منزلها في زغرتا على نية زوجها المقتول سورياً لكن بهمة عونية!؟‏

ومنذ حوالى سنة قامت نائلة معوض ذاتها بزيارة العماد ميشال عون في منفاه الباريسي ‏لتتنكّر لماضيها ولتبرئ العماد عون من دم زوجها على الطريقة الأخوية والتي لا تفيد أحداً ‏بعد اليوم "مين أخذ إمي صار عمي".‏‏

عند هذا الحد يتوقف المراقبون أمام عدة اسئلة وأمور وعناصر هامة ونبرز بعضها على الشكل ‏الآتي:‏‏

إن كلام الوزيرة نائلة معوض في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ويترأس هذه الجلسات في القصر ‏الجمهوري الرئيس لحود يطرح سؤالا كبيرا: لماذا نائلة معوض تصعد إلى القصر ليرأسها رئيس ‏الجمهورية ويعطيها الحق في الكلام ويسكتها اذا أراد ذلك مناسباً لمقتضيات جلسة مجلس ‏الوزراء. فهناك شخص يجب عليه أن يترك إما الوزيرة معوض التي ارتضت أن يكون رئيسها في ‏مجلس الوزراء الرئيس لحود، وأن تنتفض لكرامتها وعزتها وعدم انسياقها وراء أية شبهة ‏محلية أم دينية أم حزبية أم عائلية أم استفادية وبالطبع لتنتفض على ما هو باطل ولا ‏تنتظر مثلاً كالمرحوم الوزير بيار حلو الذي كان يشكو دائماً من الحكومات المتعاقبة "التي لا ‏تضعه بالأجواء السياسية في البلاد"، لكنه كان يقبض راتبه آخر الشهر كما هي حال السيدة ‏نائلة معوض ولا تستقيل إنصافاً لكرامتها ولدم زوجها الشريف والطاهر ولكي تكون مقتنعة ‏حقاً مع روحية 14 آذار التي أدخلت اللبنانيين في جنة الإستقلال.‏‏

اذاً عليها أن تختار بعد أن قرر الرئيس لحود إكمال ولايته اما السكوت، وإما الاستقالة. ‏هكذا يقول أولياء الشأن والمراقبون السياسيون والقانونيون والذين يشهدون لرينه معوض، ‏كرئيس وكأب صالح وكأخ عزيز في زغرتا الأبية.‏‏

في حين ان الكلام الذي صدر عن الوزيرة معوض، في ذكرى استشهاد الرئيس معوض، خرج عن ‏المألوف، كون الناس في لبنان قد عرفوا "الإلتزامات"، وقد سقطت كل أوراق التين ولم يعد ‏مألوفاً بعد اليوم ان نسمع بهذه الأسطوانة، وهذا ليس من باب الدفاع عن رئيس الجمهورية ‏العماد إميل لحود بل من باب الحفاظ على هؤلاء الموارنة الزاحفون وراء بعض نواب الأكثرية ‏النيابية التي جاءت وأصبحت أكثرية بفضل بقايا وفلول ما يسمى بلقاء قرنة شهوان الذي ‏ما يزال رئيسه السابق المطران يوسف بشارة ينظِّر من حين لآخر بأنه يجب ان يكون هناك أكثر ‏من مرشح في الطائفة المارونية، وكأن هذا الأمر، حماية منه لفلول هذا اللقاء القرناوي ‏الذي سقط عند أول قرنة وضعهم بها قانون قرنة شهوان وعلى ذات الوزن قانون غازي كنعان.‏‏

وإذا كان للذكرى منفعة، فإن قانون الألفين الذي قام لقاء قرنة شهوان وطعن بقوانينه ‏البطريرك صفير في الظهر والصدر ليس هو إلا امتداد لما قيل في الذكرى السنوية لاستشهاد ‏الرئيس رينه معوض من تحت جبة البطريرك صفير.‏‏

أما السؤال الأكبر والذي يوجه إلى كل اللبنانيين: هل يقبل دار الإفتاء وسماحة المفتي قباني ‏ودار الطائفة الشيعية وسماحة المفتي قبلان بأن يجري احتفال في إحدى دارتهما ولا يكون في دار ‏الإفتاء ممثل عن رئيس الحكومة ولا يكون في دار المجلس الشيعي الأعلى ممثل لرئيس مجلس النواب؟‏

يأتي الجواب طبعاً بالنفي القاطع، لكن الذي حصل في بكركي هو مهزلة غادرة بحق البطريرك ‏صفير وبحق مجد بكركي، كون "مجد لبنان أُعطي لها".‏‏

وبالتالي إن ما قالته معوض "بوجوب تنحي الرئيس إميل لحود رأس النظام الأمني المتهاوي..." ‏هو أيضاً قمة المهزلة كون الجالسين في الصفوف الأمامية هم معظمهم نزلاء لدى المخابرات ‏السورية واللبنانية وخاصة في عهد الوزير المنتحر غازي كنعان الذي تشتمه معوض في قبره ‏دون أن تدري عندما تتهم النظام الأمني اللبناني السوري، وغازي كنعان كان رئيسه وكان ‏حليفها وكان قاتل زوجها على حد قولها!! (وللحديث صلة).‏‏

إن المهانة التي يشعر بها اللبنانيون هو أن بكركي التي لم يدخلها أي غاصب طيلة حياته واي ‏محتل، فقد كانت تتنقل في عزّ الهجمات من دير إلى دير كي لا يدخلها الأتراك أو غيرهم من ‏قبلهم ومع هذا كله لم يدخلها الأتراك ولا غيرهم، فقد دخلتها الكلاب البوليسية وفتشت مذبح ‏الكنيسة و"شمشمته" على أساس حضور شخصيات سياسية لحضور ذكرى الرئيس معوض!!‏‏

لكن من هي الشخصية التي كانت حاضرة، هي أهم وأوزن من البطريرك الكاردينال صفير؟‏

وعند هذا الأمر لا يمكننا إلا الاستعانة بما قاله بولس الرسول وبعد الاستئذان من سيد بكركي ‏عندما قال لهؤلاء زاغوا ورُزلوا جميعهم، حناجرهم قبور مفتحة وألسنتهم ماكرة وأيديهم إلى ‏سفك الدماء سريعة..."‏‏

الديار / 7 كانون الاول/ ديسمبر 2005‏

2006-10-30