ارشيف من : 2005-2008

إجمع.. تَسُدْ (1)‏

إجمع.. تَسُدْ (1)‏

نجوى مارون‏

ما يجمعهما أكثر ممّا يفرّقهما. ما يؤمنان به حافزاً ليقول كلّ منهما: نعم انني اقتنعتُ بك ‏حليفاً وشريكاً، ما يتعرّضان له من ضغوط وعمليات "تذاكي"، سبب ليجتمعا ويقطعا الطريق ‏أمام المتملّقين والزاحفين والمتسكّعين، ما يشعران به من غبن واستهداف كفيل لقلب موازين ‏القوى لانهما يملكان القدرة والقوة.‏‏

العماد ميشال عون والسيّد حسن نصرالله لغزان يصعب حلّهما، وصفحتان بيضاوان يمكن قراءتهما ‏بوضوح وسهولة، البعض يعتبر انهما خطّان متوازيان لا ولا يمكن ان يلتقيا أبداً، والبعض الآخر ‏يرى انّهما خطان متساويان يكسران القاعدة ويلتقيان في النهاية.‏‏

قد يقول البعض أنه كلام عاطفي نابع من قلوب مفعمة بالأمل والمحبة والاحترام لهذين الرجليْن، ‏ومطعّم بصور شاعرية غير مدّعمة بالمنطق. فإذا كانت الأكثرية الشعبية الحقيقية تتحدث ‏بالعاطفة، فبماذا ينطق عقلها؟‏

‏1ـ في العقيدة: "التيار الوطني الحرّ" يجسّد لبنانية سيادية تسعى للتصالح مع المفهوم العربي ‏وتشترك في عروبة ترفض الوصاية الاجنبية، و"حزب الله" يجسّد عروبة تسعى للتصالح مع المفهوم ‏الكياني السيادي وحماية السيادة من الخطر الأجنبي.‏‏

‏2ـ في السلوك السياسي: "الوطني الحرّ" أكثر من يتفهّم الحاجة الى مسؤولية وطنية، تجاه "حزب ‏الله" واحتضانه، فكلاهما يحملان رسالة وعبئاً وتضحيات.‏‏

‏"حزب الله" أخذ على عاتقه تحرير الأرض من الاحتلال الاسرائيلي بدماء شهدائه وبثباته، ‏و"الوطني الحرّ" قاد وحقق بنضاله الاستقلال عن الارادة السورية، وكانت تضحيات كوادره ونفي ‏قائده وقوداً لمسيرته.‏‏

أ ـ في الانتخابات النيابية: أدرك "حزب الله" يقيناً، ولو متأخراً، ان عاملين اساسيين أثّرا ‏على خيار الحزب في انتخابات بعبدا ـ عاليه: الأول الحضور الحاد للقرار 1559 وموقف التيار ‏من هذا القرار، والثاني المناخ الخطير للانقسامات المذهبية التي اعقبت استشهاد رفيق ‏الحريري والمحاولات الدؤوبة لتفجير فتنة سنية ـ شيعية.‏‏

كما أن "حزب الله" اعترف ولو بعد فوات الاوان، أن عدم دقة تقديره لحجم وزن التيار في ‏الساحة المسيحية من جهة، وعدم دقة تقديره لانقلاب "تحالف الأكثرية" جعله، وللاسف، يقدّم ‏على طبق من فضّة صفة "الأكثرية" بـ15 الف صوت صبّها في بعبدا ـ عاليه و5 آلاف صوت منحها ‏في البقاع الغربي ـ راشيا، فلولا "زحطته"، لكان ما يسمّى بالأكثرية النيابية حظيت بنصاب ‏اقلّ من ستين نائباً، ولتقاسم "الوطني الحرّ" و"حزب الله" النفوذ السياسي تحت قبّة البرلمان.‏‏

ب ـ في تشكيل الحكومة: "حزب الله" و"الوطني الحرّ" رغم وجود احدهما داخل الحكومة والآخر ‏خارجها، يشعران بالعلاقة الملتبسة وشبه المستحيلة مع هذه "الأكثرية".‏‏

‏"التيار" شارك بحمل اعباء انتفاضة 14 آذار ومنحها مصداقية ادعاء انتفاضة السيادة ‏والاستقلال باعتباره الفريق الاشدّ اصالة وشعبية ومصداقية في رفع وممارسة هذا الشعار، ‏فكتلة الاصلاح والتغيير أُستبعدت من الحكومة العاجزة نتيجة تسوية جمعت ما يُسمّى بالحلف ‏الرباعي.‏‏

و"حزب الله" شعر بمرارة الخديعة منذ اليوم الاول للبحث بتشكيل الحكومة ولمس المكر في ‏التعيينات، فالحليف الذي منح "الاكثرية النيابية" هذه الصفة صُدم بتصرّفها وفق مبدأ ‏‏"كوني جميلة واصمتي"، وراحت تصيغ القضايا السياسية الكبرى دون تشاور مع أحد، بدءاً من ‏ملف العلاقة مع سوريا وترسيم الحدود، مروراً بالملف الفلسطيني وصولاً الى المحكمة الدولية.‏‏

‏(يتبع)‏‏

ــــــــــــــ‏

"التجريح بمقام الرئاسة معيب وصفير حذر من التمادي بهذا الاسلوب"‏

الدويهي : المطالبة بمحكمة دولية قبل نتائج التحقيق لخلق مشكلة‏

افادة هسام لجهة الآليات المستعملة لدفعه الى الشهادة أمر خطير‏

كتب اسكندر شاهين‏

لم يشهد برج بابل اللبناني كماً من القضايا والاستحقاقات، ما يشهده حالياً في مرحلة غاية ‏في الدقة والحساسية، من التجاذبات حول المحكمة الدولية والانقسام بين المطالبين برحيل رئيس ‏الجمهورية اميل لحود، وصولاً الى التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ففي ‏الوقت الذي ابدى فيه استغرابه الوزير سليمان فرنجية من استعجال البعض للمطالبة بمحكمة ‏دولية في غياب المتهم، فإن الوزير اسطفان الدويهي حليف فرنجية التاريخي ورفيق دربه في ‏السياسة يشاطر فرنجية نفس التطلعات والاهداف حول معظم القضايا المطروحة وجميعها من ‏الوزن الثقيل على ساحة لا يزال عودها طرياً فبالنسبة الى ما حصل في مجلس الوزراء لجهة ‏محاولة اقرار طلب لانشاء محكمة دولية للنظر في اغتيال الحريري يقول الوزير الدويهي: ان ‏تشكيل محكمة دولية للبت بهذه القضية سابق لاوانه، فالتحقيقات بالجريمة لم تنتهي بعد، ‏وهناك ايحاءات ان نهاية التحقيق الدولي دونه شهور وربما سنوات، اذا لماذا العجلة في اثارة ‏ازمة عنوانها المحكمة الدولية، فعند انتهاء التحقيق ووصوله الى نتائج واضحة، هذه ‏النتائج هي التي تحدد قدرة القضاء اللبناني على البت بها او الحاجة الى صيغة اخرى.‏‏

ويضيف الدويهي: لماذا الاستعجال لخلق مشكلة في غير وقتها وغير محلها وما هذا المبرّر لذلك ‏الآن، الا اذا اعتبرنا ان ثمة نوايا خفية غير معلنة لا تمت الى التحقيق بصلة، فنحن نريد ‏الحقيقة وحريصون كل الحرص على تقديمها بالادلة والاثباتات لما لذلك من دور في اخراج البلاد ‏من المأزق التي تراوح فيه وعليه فان الوصول الى الحقيقة يقتضي الانتهاء من التحقيقات ‏وتقديم المتهمين الى القضاء وهذا هو الاساس.‏‏

اما حول الهجمة على دور المقاومة من قبل بعض الاطراف فيقول الدويهي: ان المقاومة ‏مستهدفة وليس سراً ان المصالح الاسرائيلية وحدها تحدد تعاطي المجتمع الدولي مع العديد من ‏الملفات الشرق الاوسطية، وانطلاقاً من هذا الواقع علينا ان ننظر الى الفرق بين القرار ‏‏1559 واتفاف "الطائف".‏‏

ويشير الدويهي الى ان "الطائف" جاء بفعل تلاقي الارادة العربية مع الارادة الدولية لوضع ‏حد للصراع الدامي الذي كان قائما في لبنان، طبقاً لتلاقي الارادتين العربية والدولية جاء ‏في سياق توجه المنطقة الى تسوية سياسية لم تتوفر لها سبل النجاح بفعل التعنت الاسرائيلي، ‏الامر الذي جعلنا امام محاولات اسرائيلية مستندة الى دعم اميركي كبير، لفرض استسلام على ‏الدول العربية، بدل السلام، وهذه الممانعة العربية شكلت المقاومة في لبنان مركزيتها، ‏فكان لا بد بعد احتلال العراق ضرب محور المحالفة العربي، من هنا ارى ان القرار 1559 لا ‏يمكن تصنيفه خارج هذا السياق، فهو قرار فتنة لتعارضه مع المصالح الاستراتيجية للقوى ‏السياسية اللبنانية، وفي حال تم فرض تطبيقه فهو مصلحة اسرائيلية اولاً واخيراً اما حول ‏المواقف المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية وموقف بكركي فيقول الدويهي: ان موضوع ‏استقالة الرئيس اميل لحود او عدمه، فهو يتعلق بالرئيس وحده في غياب كل المبررات ‏الدستورية التي تفرض الاستقالة، وعليه فإن ارتفاع او انخفاض وتيرة المطالبة هذه ترتبط ‏بالمشروع السياسي لاصحاب هذا الطرح مع الاشارة في هذا السياق الى كون هذا المشروع ينطلق ‏عند البعض من رؤية سياسية تتناقض مع الرؤية السياسية للرئيس لحود، علماً ان اصوات ‏المطالبين بالاستقالة لا تعبر عن ارادة ذاتية بمقدار ما تعبر عن التلاقي مع املاءات خارجية. ‏اما البعض الآخر فإن مطالبته مرتبطة بطموحات شخصية على قاعدة "قوم لاجلس مكانك" ضاربين ‏عرض الحائط بدقة وخطورة المرحلة، وبالدستور اللبناني مسقطين من حساباتهم السياسية انهم ‏يؤسسون لعرف يتناقض وروح الديمقراطية التوافقية التي يقوم عليها الاستقرار في البلاد، ‏وهذا البعض يتلطى خلف شعارات سياسية رنانة اثبتت الاستحقاقات السابقة انه اول من ‏تنكر لها لحظة تلامس مصالحه الشخصية.‏‏

ويضيف الدويهي: وبالعودة الى الرئيس والاستقالة فاني لا اجد اسباباً سياسية او قضائية ‏تفرض عليه التنحي، وكل ما يساق ضده من اتهامات لا تستند الى قرائن قانونية تجعلها ‏حقائق، وارى انه من المعيب الاستمرار بهذا النهج، لما لذلك من دور في تجريح مقام الرئاسة، ‏فالامر تجاوز شخص الرئيس وهذه المسألة تطيح بالكثير من الاسس الوطنية، وما يصدر عن غبطة ‏البطريرك مار نصرالله بطرس صفير مؤشر واضح على خطورة التمادي بهذا الاسلوب.‏‏

اما عن تأثير التطورات الاخيرة في التحقيق الدولي على دور الاغلبية النيابية فيقول ‏الدويهي: التحقيق الذي تقوم به اللجنة الدولية هو تحقيق سرّي وعليه لا يستطيع احد ‏الادعاء بمعرفة التطورات في التحقيق، الا ان ما تناقلته وسائل الاعلام عن "الشاهد المقنع" ‏تؤكد ان هناك حلقة مهمة من حلقات التحقيق قد ضربت، لكن الامر المهم يرتبط باهمية كشف ‏حقيقة ما طرحه هسام هسام لجهة الاليات التي من الوارد انها استعملت لدفعه باتجاه تقديم ‏هذه الشهادة، وهذا امر خطير جداً، وعلى القضاء اللبناني ان يقدم الايجابات الشافية، ‏وكلنا ثقة بهذا القضاء. اما تطورات التحقيق بعد "الشاهد المقنع" فهذا امر ليس من ‏اختصاصنا، لكن في السياق السياسي، فان الاغلبية البرلمانية وصلت بغالبيتها يوم صورت ‏للناس بان المعركة بين الرئيس الحريري ونهجه وبين القتلة، وهنا اسمح في ان اؤكد ما كان ‏يربطنا بالرئيس الشهيد من صداقة واخوة تجعلنا اصحاب الحق بطلب الحقيقة، هذا لو اسقطنا ‏ان طلب الحقيقة هو مطلب وطني شامل، فالحريري شهيد الوطن وليس شهيد طائفة، وهو شهيد ‏العروبة وليس شهيد الانعزال، وللاسف ان هذه الغالبية سخرت كل الامكانات لتضليل الرأي ‏العام بشكل بات من الصعب على الناس تبين الخيط الابيض من الخيط الاسود، فما قام على باطل ‏فهو باطل، والمقدمات المغلوطة تؤدي الى نتائج مغلوطة.‏‏

ويضيف الدويهي اننا نخاف على ارث الشهيد من الذين يتاجرون باسمه وبدمائه الطاهرة، ‏وعليه فان المصلحة الوطنية وحماية المستقبل تقتضي على المجلس النيابي الحالي اجراء ‏انتخابات وفق قانون انتخاب يتوافق عليه اللبنانيون، والمجلس الجديد هو الذي يؤسس لقيام ‏لبنان الجديد، وللتذكير فقط كنت اول المهنئين للذين فازوا في الانتخابات النيابية في ‏الشمال وهم عصب هذه الاغلبية التي سألتني عنها، فانا لا اشك باحد انما اريد التشديد على ‏ان الخلاص لا يأتي عبر قانون انتخابي جائر ومشوه للارادة الشعبية.‏‏

اما من الواقع السياسي والامني في زغرتا بعد الحادث الاخير فيقول الدويهي: اظهرت النتائج ‏الانتخابية في البلدية وفي النيابة حجم القوى السياسية الحقيقي، رغم كل التزييف الاعلامي ‏والتحريض الطائفي والرشاوى المالية، نحن نمثل هذه الاغلبية الساحقة في زغرتا كمدينة ‏وكقضاء لا مصلحة له باثارة اية فتنة عائلية او مذهبية او مناطقية، اذا من له مصلحة في ‏الفتنة هو الضعيف والذي يريد خلق حيثية غير موجودة بأي ثمن حتى لو كان على حساب زغرتا ‏وامنها، ونحن حريصون كل الحرص على تفويت الفرصة على كل من يريد ان يلعب بالنار، ومن ‏يريد ان يخلق متاريس جديدة في مدينة لم تستطع الحرب الاهلية ولا الاحداث الدامية ان تضرب ‏وحدة اهلها او تخلق متاريس فيما بينها. لذلك نطلب من جميع العاملين في الحقل السياسي في ‏زغرتا وفي لبنان ان يتواضعوا قليلاً، وان لا يركبهم الغرور فليسوا هم تشي غيفارا ولا ‏شارل ديغول، فالذين اخشى ان تسول لهم نفسهم العمل على خلق واقع جديد في هذه المدينة ‏لمتابعة مشوار اجراء الحسابات القديمة ظناً منهم انها حسابات جارية، فاحذرهم وادعو ‏اخوتنا واهلنا في زغرتا الى اليقظة والحذر لتفويت الفرصة عليهم.‏‏

الديار/ 8/12/2005‏

2006-10-30