ارشيف من : 2005-2008

سم فيلتمان الاميركي في دسم الحكومة

سم فيلتمان الاميركي في دسم الحكومة

كتب انطوان غريّب‏

في الوقت الذي ينصرف فيه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وكل الغيورين على اعادة اجواء الوفاق والتضامن الى الحكومة، انبرى فجأة ومن دون مشورة السفير الاميركي الى اسداء نصيحة لم تكن مطلوبة منه اصلاً، وهي غير مرغوبة، تقضي بالتخلي عن الشراكة السياسية داخل اطار الحكومة، وباجراء تعديل في الحكومة يقضي بادخال بدائل على وزراء حزب الله وحركة أمل.‏

الشكل المسرحي العلني الذي عمم فيه السفير فيلتمان نصيحته، وبغض النظر من الموقف من الازمة القائمة داخل الحكومة، يحمل على الريبة في ما تضمره هذه النصيحة من اهداف مضمرة، اقلها ما يوحي برغبة اميركية في وضع العصي في دواليب اعادة رأب الصدع في العلاقات البينية داخل صفوف الحكومة.‏

لم ننس بعد، وربما مبادرة هذا السفير ذكرتنا بالمسعى الاميركي مع الرئيس السنيورة، ابان عملية تشكيل الحكومة، والداعي بعدم اشراك حزب الله في الحكومة، وما زلنا ندرك ايضا الموقف الثابت للرئيس السنيورة برفض هذا التمني الاميركي واصراره باشراك ممثلين للحزب، مباشرين وغير مباشرين في حكومة، على الاقل تمشياً مع رغبة الاغلبية في مجلس النواب، في عدم الاخذ بنصيحة اميركية مماثلة، واصرارها على اعادة انتخاب نبيه بري رئيسا لمجلس النواب.‏

قد تنجح المساعي الحثيثة التي يجريها الرئيس السنيورة وآخرون لرأب هذا الصدع داخل الحكومة، ولكن تبقى الامور ضمن الاختلاف في وجهات النظر حول بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة وعارضها وزراء حزب الله وامل، وبالتالي يبقى هذا الاختلاف في الرأي احد مواضيع الحوار الوطني الذي بات من الملح ان ينطلق بين مختلف الوان الطيف السياسي، ولكن ان يكرس هذا الواقع خلافا نتيجة نصيحة اميركية غير نصوحة بالتأكيد، فالوضع عندها سيأخذ بعداً آخر، وبالتالي يتحول هذا الاختلاف في وجهات النظر الذي يمكن معالجته، ولو في مرحلة لاحقة، الى خلاف متجذر يحدث شرخا عميقا، يخشى ان تنتج له ارتدادات مقلقة ليس من مصلحة اي من فريقي الحكومة ايصال الوضع السياسي العام اليه.‏

واذا ربطنا النصيحة الجديدة للسفير الاميركي والنصيحة الاميركية الاولى، لا بد من ان نصل الى نتيجة واحدة، هي استمرار المسعى الاميركي اللجوج لابعاد كل فريق يرتبط بالمقاومة، وخصوصا حزب الله عن مواقع المشاركة في القرارات السياسية داخل مؤسسات الحكم، وعلى رأسها مجلس الوزراء، لغاية خبيثة في نفس اليعاقبة الاميركيين.‏

لذلك وتفويتا لهذا المسعى الاميركي، نطالب الرئيس السنيورة، من جهة، وحزب الله من جهة ثانية، وخصوصا رئيس مجلس النواب نبيه بري الاصرار على استمرار الحوار، السري والعلني، حتى الوصول الى توافق في المواقف ينقذ الحكومة من تصدع صفوفها، فتستعيد تماسكها، وبالتالي تنطلق من جديد في ورشة العمل التي بدأتها لمعالجة الازمات التي تعصف بالوضع العام، وعلى مختلف الصعد.‏

اكثر من ذلك، فان مطالبتنا هذه تهدف بشكل اساسي الى اسقاط المحاولة الاميركية الجديدة، عبر سفيرها في لبنان، لدس سم اهدافها في الدسم اللبناني، والذي اذا ما تم فستتجاوز انعكاساته الاطار الحكومي، على اهميته.‏

المصدر: صحيفة الشرق 21/12/2005‏

2006-10-30