ارشيف من : 2005-2008

نكاية بالطهارة ...

نكاية بالطهارة ...

كتب عبد الغني طليس‏

"هل يبقى سلاح المقاومة الى الأبد؟" سؤال وجيه طرحه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تعبيراً عن قلق فريق من اللبنانيين من وظيفة هذا السلاح بعد تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وإطلاق سراح المعتقلين، وقد أجابت عنه المقاومة بالقول انه طالما بقيت الأطماع والاخطار الاسرائيلية ماثلة، فإن وظيفة السلاح ستبقى قائمة.‏

فهل الاعتراض على الافق المفتوح لبقاء السلاح بيد المقاومة مبرر، اما مقولة الاطماع والاخطار الاسرائيلية المفتوحة الآفاق (قبل اتفاقية سلام) فغير مبررة؟!‏

من حق اللبنانيين، جميع اللبنانيين عدم الموافقة على تقديم بلدهم، مرة جديدة، قربانا على مذبح الصراع العربي الإسرائيلي، لكن أوليس من حق اللبنانيين، وجميع اللبنانيين ايضا، عدم الموافقة على تقديم بلدهم لقمة سهلة لعدو ثبت بتجارب خمسين عاما ان اطماعه لا تنتهي؟‏

هل انتهت اطماع اسرائيل في مصر الا بعد توقيع معاهدة سلام... هذا اذا كانت انتهت خصوصاً ان وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين اليعازار هدّد قبل اربع سنوات لا أكثر بضرب السد العالي؟!‏

هل انتهت اطماع اسرائيل في الأردن إلا بعد توقيع معاهدة سلام... هذا اذا كانت انتهت خصوصاً ان مشروع شارون التاريخي المعروف بترحيل الفلسطينيين الى الأردن يطلّ برأسه من وقت الى آخر؟!‏

هل انتهت اطماع اسرائيل في "الأراضي" الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة حتى بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وما يجري منذ خمس سنوات شارونية دليل بالصوت والصورة عليه؟!‏

وهل انتهت اطماع اسرائيل في الجولان؟‏

أوليس امرا فظيعا ان يصبح تعبير "الاطماع الاسرائيلية" مستهجنا وغريبا ومريبا في لبنان عربي (لا ذا وجه عربي) وفي حاجة الى شواهد قديمة وجديدة بعدما كان وينبغي ان يستمر حتى السلام الحقيقي، أمرا مسلّما به؟!‏

ولنفترض ان اسرائيل انسحبت من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا واطلقت الأسرى، وسلّمت بعد ذلك المقاومة سلاحها... هل هذا كافٍ ليطمئن لبنان الى ان اسرائيل لن "ترغب" في مياهه عنوة، او لن تحاول فرض سلام مذلّ او غير متكافئ عليه بعدما "فقد" قوته العسكرية؟!‏

ان خوف بعض اللبنانيين من استخدام سلاح المقاومة لمصلحة سوريا في موضوع الجولان او لمصلحة ايران في صراعها مع اميركا واسرائيل يتعين ان يدفعهم الى التفاهم مع المقاومة على الهدف اللبناني السامي الذي حقق النصر، لا ان يجنح بهم الى خيار التخلي عن قوتهم قبل اوان تخلي اسرائيل وهي عدوتنا عن التهديد بالقوة البرية والبحرية والجوية ويومياً... وإلا فإن اللبنانيين سيطبّقون من حيث لا يدرون حكاية ذلك الإعرابي الذي قرر ان يبوّل في ثيابه.. نكاية بالطهارة!‏

مطلوب من المقاومة ان تقبل بالسؤال المشروع "الى أين بعد تحرير الأرض والأسرى؟" الذي توجّهه بعض القوى السياسية اللبنانية، لكن مطلوب ايضا من هؤلاء ان يقبلوا بسؤال المقاومة المشروع "الى أين اطماع اسرائيل وأخطاؤها على لبنان؟"... ومن لا يملك جواباً عن السؤال الثاني، ينبغي ألا يصرّ على جواب عن السؤال الأول.‏

"إن عقارب الساعة لن تعود الى الوراء" جملة يرددها عدد من السياسيين اللبنانيين اخيرا للدلالة على تجاوز الحرب وخيار السلم الأهلي النهائي. انها الجملة نفسها التي ترددها المقاومة للدلالة على تجاوز حالة الضعف أمام اسرائيل.‏

وسيكون ضرورياً رفض اتهام المقاومة بأنها تنفذ اجندة سورية ايرانية حتى لا يطلع من يتهم المتهمين بأنهم ينفذون أجندة اميركية اسرائيلية.‏

فليس بالاتهامات يكون "الحوار" الذي نسمع عنه كثيراً ولا نراه إلا صريعاً!‏

السفير 4 كانون القاني/ يناير 2006‏

2006-10-30