ارشيف من : 2005-2008

بريد القراء

بريد القراء

الانتقاد/العدد 1116 ـ 1ـ تموز/يوليو 2005‏‏

"الخميني لأول مرة"‏

مامازان قرية صغيرة تقع في ضواحي مدينة طهران على الطريق المؤدي الى مدينة مشهد المقدسة، حيث كان يرسل اليها الطلاب الأجانب لتعلم اللغة الفارسية في معهد جامعي صغير أنشئ خصيصاً فيها لهذا الغرض، وذلك قبل انتصار الثورة الاسلامية المجيدة، وكنت أنا من ضمن الطلبة العرب والأجانب الذين التحقوا بهذا المعهد الجامعي لتعلم اللغة الفارسية وقواعدها. وكان من ضمن البرنامج التعليمي والتثقيفي المقرر، التمجيد بالشاه وإنجازاته وسياساته وحكمته وشعاراته وغير ذلك من الأكاذيب والادعاءات الباطلة والأضاليل التي كان هدفها الترويج للشاه ونظامه وغسل أدمغتنا لتضليلنا عن إدراك ومعرفة الحقيقة التي يعاقب عليها كل من يذكرها أو يرددها، بأن هنالك قائداً شجاعاً وأميناً للشعب الايراني مبعداً ويعيش منفياً في النجف الأشرف في العراق رغماً عنه.. وأن الشعب الايراني المسلم يكنّ له كل الحب والاحترام والتقدير لتضحياته الجليلة، وهو يناضل من أجل عودته منتصراً مظفراً لقيادة الشعب والثورة.‏

أول مرة في حياتي سمعت باسم الخميني "طيّب ثراه وقدس سره" كانت من قبل أخ لبناني زميل لي مقيم ويدرس معي في المعهد الجامعي نفسه لقرية مامازان، وهو من بلدة ياطر الجنوبية الصامدة، اسمه فؤاد كوراني، وذلك عندما عاد من زيارة قريبه الشيخ حسين كوراني المقيم في قم المقدسة لدراسة وتلقي العلوم الشرعية الاسلامية.. حينها همس الأخ فؤاد كوراني في أذني بحذر ووجل وخوف وقال لي: قاسم، اعلم أن الأوضاع الأمنية في قم المقدسة ليست على ما يرام، الناس في قم قد خرجوا الى الشوارع منتفضين، وهاجموا مراكز الشرطة وإدارات الدولة الرسمية وحطموا كل شيء يرمز الى الشاه الطاغية وحكومته الظالمة، من صور وتماثيل وشعارات ومجسمات، وأغلقوا الشوارع بالإطارات المشتعلة والحجارة هاتفين بسقوط الشاه العميل، ومطالبين بالحرية وعودة الإمام القائد.. وقم واقعاً أعلنت العصيان المدني وباتت تحاصرها قوات الجيش والشرطة لقمع انتفاضتها وعصيانها. وقد استفسرت من قريبي الشيخ حسين كوراني ـ الكلام لفؤاد ـ وسألته عن هذا الإمام المبعد وعن سبب ثورة أهل قم وعصيانهم وانتفاضتهم، فقال لي إن هذا الإمام اسمه روح الله الموسوي الخميني، وهو مبعد الى خارج ايران ويقيم حالياً في النجف الأشرف، والشعب في قم وكل مدن ايران يطالبون بعودته لقيادتهم وإقامة جمهورية إسلامية. وفي ختام حديث فؤاد لي طلب مني بإصرار عدم البوح بهذا الحديث والتكتم عليه بشدة واعتباره سراً بيني وبينه، محذراً إياي من ذكر اسم الإمام الخميني أمام أي شخص مهما كان، وعدم الثقة بأحد بتاتاً، حرصاً منه على أمننا وسلامتنا معاً، وخوفاً من انتقام السافاك "البوليس السري الايراني" الذي كان يرصد ويراقب تحركات ونشاطات المعارضة الطلابية والعمالية في كل مكان. وفعلاً كانت تلك أول مرة في حياتي أسمع بها باسم القائد العظيم الإمام الخميني "قدس الله سره".‏

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‏

بين جنين ورفح قتلوا حلم الفرح‏

الى الطفلين الشهيدين صلاح إيهاب وصلاح أبو عيش‏

وأتى العيد.. واستعد الصبح يستقبل وجنات الأطفال على ضفاف شمسه الجميلة، وهناك من بين أنقاض المخيمات، كان الأطفال يطلعون من المنازل المهدمة والأشجار المقتلعة..‏

وكان صلاح يصنع انتفاضة ومساحة للمواجهة على قدر طفولته، اشترى رشاشه البلاستيكي ومشى يقلد رجال فلسطين.. يقلدهم في المواجهة وإطلاق الرصاص ورشق الحجر.‏

كان جميلاً.. يضحك كثيراً.. وكانت فلسطين لا تغادر عينيه وقلبه واليدين، وهناك في جنين بين الأزقة وفي الشوارع كان يركض في الهواء الفلسطيني الجميل، يطلق كل فرح قلبه "يوم العيد"، ويشعل "مفرقات رشاشة" علّه ينتقم قبل أن يرحل ويكبر.. علّه يجد لأحلامه وطناً في مساحة المخيم! والمخيم يتسع للدنيا، بل للكون، لأنه يختصر كل الآهات وكل المآسي والآلام اليومية.‏

هو صلاح الاسم الجميل.. الذي توشم على لائحة يوم العيد كأنه كان على الموعد، خرج ليفرح ككل أطفال العالم، ككل الذين يسكنون عواصم العالم، خرج ليحمل مفرقعاته وبندقيته البلاستيكية، خرج صلاح.. الى مساحة الأفراح في وطنه الجليل جنين.‏

وفي المشهد الآخر.. هناك في مساحة الظلم وعتمة العالم، في مساحة الإرهاب لحرية الإنسان، وقف جورج بوش يتحدث عن الحرية التي سوف يعطيها للعالم، وكأن العالم أصبح مطوّباً لسلطته وإجرامه!..‏

خرج صلاح يقول: أنا الطفل الفلسطيني.. أنا أقول الأرض أرضي.. وأنا أرفض أن أكون لاجئاً في أرضي، حريتي أبيعها بدمي وشهادتي، حريتي ليست سلعة أشتريها من السوق الأميركية.. ولتسقط كل مجسمات الحرية في العالم، ولتحيا حريتي.‏

خرج صلاح الى مساحة الأفراح يحمل رشاشه.. أُربكت قيادة الأركان، شاؤول موفاز ويعلون يعلنون التأهب، هناك رشاش.. هناك طفل فلسطيني.. أعطيت الأوامر صوّبوا البنادق، شغّلوا الرادارات، أطلقوا الرصاص وأجهزوا على أحلام طفولة فلسطين.. الإرهابيون يتقدمون، إنهم أطفال فلسطين، هزأ صلاح منهم ولا زال الرشاش بيده، وهم يطلقون الرصاص وصلاح يصعد ويطلع وردة غارٍ، صفحة نهار ليست فيه خوذات فاشية صهيونية سوداء، نهار آخر على دروب القدس، تمتم بكلمات وراح ينام في تراب جنين.. هي جنين مدينة الشهداء والفقراء، من لم يذهب الى جنين لا يعرف سر القيامة وجوف القبر، من لم يذهب الى جنين لا يعرف سر الشهادة، المجد لك يا مدينة الأطفال ومدينة محمود طوالبي.‏

وهناك في رفح كان صلاح أبو عيش يتأبط يد أمه، يهرول فرحاً الى عيد قلبها، جاءته رصاصة في الرقبة، سقط صلاح وهو ذاهب الى مساحة الأفراح في عيد الأضحى، اشتملته أمه ضمته الى صدرها.. ولدي، قم، العيد ينتظر والأرجوحة وقطعة الحلوى واللباس الجميل.. قم بني، العيد ينتظرك لا القبر، قتلوك بني وأنت شفاه الفرح.. فكنت كبش فداء.. هي رفح يا ولدي.. كتاب الشهادة من الطفل الى الشيخ.. هي رفح.. قم يا صلاح عائق صلاح جنين وكل أطفال العالم أن شيخ الشهداء راغب حرب قال يوماً: بدماء أطفالنا سنحيي الأرض لنقتلع الاحتلال".. ونعود لنرسم ألف إشراقة لفراشة العيد وأرجوحته الجميلة.‏

بني ناما معاً.. صلاح جنين.. وصلاح رفح.. لتظلا معاً حتى تعودا الى الفرح.. والعيد هناك.. هناك يا ولدي.. بين جنين ورفح..‏

عماد عواضة‏

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‏

أهزوجة التحرير‏

حررنا تراب جنوبنا‏

ومزارع شبعا ما نسينا‏

يا نصر الله لاقينا‏

باحتفال الحرية‏

بدنا نحتفل يا قائدنا‏

بعيد التحرير نرفع رايتنا‏

رايتك يا حزب الله‏

راية كل الأحرار‏

طلوا الأحرار طلوا طلوا‏

طلعوا السجون طلعوا طلعوا‏

يا مقاومين علوا علوا‏

الراية الصفراء بالفضاء‏

والكاتيوشا بتنادي‏

معك يا أبو هادي‏

لنرفع الأيادي‏

ونزيل الصهيونية‏

حررنا تراب جنوبنا‏

ومزارع شبعا ما نسينا‏

يا نصر الله لاقينا‏

باحتفال الحرية‏

باحتفال الحرية‏

فاطمة حيدر‏

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‏

قضية.. ووجهة نظر‏

سحب الليل أذيال ثوبه خوفاً من أن تحترق بنور الصباح الخارج من نافذة الأفق..‏

ذاك كان يوم الجمعة.. والجميع نائمون في أحضان أسرتهم، بينما الدفء يسري في جوانبهم الساكنة.‏

الى هنا كان الهدوء مخيماً، لكن ما قطع استمراره ونسف وجوده صوت تلك الساعة التي انطلقت بقوة دونما توقف، فهي من النوع الناطق "بالله أكبر".. ثم إنها لا تتوقف حتى توقظ صاحبها.. وهذا هو الأصعب في الأمر..‏

فالرجل مستغرق لا يمكن إيقاظه..‏

ولأن الساعة آلة ككل الآلات لم تحتمل ذلك فتعطلت محدثة دوياً استطاع أخيراً ان يوقظ الرجل الذي نظر الى الساعة مطولاً لا متسائلاً عما حدث، لكنه لم ينتظر وصول الجواب الى دماغه النائم، فقد أخمد وهج سؤاله..‏

نهض ليرتدي ثيابه ثم توجه الى السوق، وهناك اشترى ساعة جديدة وعاد الى سريره.. وضع الساعة بجانبه لتلقى مصير سابقاتها نفسه.. ما دام ذلك الرجل لا يملك سوى هذا الحل لمشكلته!‏

لكن الى متى سيبقى يوم عطلة هذا العربي ممتداً؟‏

هبة نزيه الصوص‏

2006-10-30