ارشيف من : 2005-2008

مؤتمر "كلمة سواء" في دورته العاشرة: الإمام الصدر والتنمية الإنسانية المتعددة الأبعاد

مؤتمر "كلمة سواء" في دورته العاشرة: الإمام الصدر والتنمية الإنسانية المتعددة الأبعاد

الانتقاد/ العهد الثقافي ـ العدد 1139ـ 9/12/2005‏

عشرة مؤتمرات أصبح عمر مؤتمر "كلمة سواء" الذي يعقده سنوياً "مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات". تعددت عناوينه وتنوعت أبحاثه في سعيها الدائب لتحقيق أفكار الإمام السيد موسى الصدر في نهضة المجتمعات العربية والإسلامية والإنسانية.‏

وفي عامه العاشر حلّ موضوع "التنمية الإنسانية ـ أبعادها الدينية والاجتماعية والمعرفية" ضيفاً على محاور المؤتمر، فكان المحور الأول تحت عنوان: "التنمية عربياً". ترأست الجلسة: النائبة الأستاذة بهية الحريري ممثلةً بسلوى بعاصيري السنيورة، التي عرضت بعض المؤشرات القائمة للمأزق التنموي في المنطقة العربية. ثم توقفت عند إعطاء "هوية" العربية للتنمية، نافية أن تكون المسافة بيننا وبين العالم المتقدم ناشئة عن الفرد، عن العربي بذاته، بل عن المناخ غير الملائم الذي يفتقر إلى القانون العادل والديمقراطية.‏

السيد يسين‏

وتحت عنوان الوجوه الثلاثة للثقافة العربية، استهل الدكتور يسين مداخلته بالتمييز بين ثلاثة أنماط مثالية للوعي كما أسماها المؤرخ عبد الله العروي: وعي (الشيخ محمد عبده)، ووعي الليبرالي (أحمد لطفي السيد)، ووعي داعية التقنية (سلامة موسى).. وتابع: ان السؤال المحوري هو أن الثقافة العربية أي نموذج حضاري تحتذيه.‏

وخلص الدكتور يسين إلى اقتراح عناصر الاستراتيجية العربية كالتالي:‏

أولاً: ضرورة رسم خرائط معرفية للاتجاهات الأيديولوجية في الوطن العربي.‏

ثانياً: تبني موقف رشيد من ثلاثية الماضي والحاضر والمستقبل.‏

ثالثاً: حصر مشكلات التواصل الثقافي مع الغرب.‏

رابعاً: الإسهام العربي في مناقشة المشكلات الإنسانية العالمية، وأهمها الإشكاليات المعرفية والمشكلات الإنسانية الحادة المتمثلة بموضوع البيئة والتلوث.‏

ثم ختم بسرد الموضوعات البحثية الأساسية التي يجدر أن تكون موضوع نقاش، وذلك حسب خلاصة "مؤتمر حوارات القرن الحادي والعشرين" الصادر عن الأونيسكو عام 2000.‏

د. أحمد بعلبكي:‏

حول "التنمية والمشاركة في مجتمع لا يحكم سوقه"، ميّز د. بعلبكي بين ثلاثة أنماط للرأسمالية، هي العدوانية والقدرة الإدارية وصولاً إلى الرأسمالية النيوليبرالية المبنية على عدالة المنافسة في اقتصاد السوق، مدعية أنها "أسواق رؤوفة".‏

وحول إمكانية الشراكة في التنمية، يرى الباحث أن لبنان ليس بحاجة إلى توصيات مراكز القرار المالي الدولية، نظراً لأن حصة القطاع العام فيه لا تتجاوز 6% من الناتج المحلي، بل هو بحاجة إلى إصلاحات مالية وإدارية وسياسات انتقالية تؤهل منتجاته المختلفة للمنافسة والتصدير، ولبنان بحاجة أيضاً إلى إصلاحات تشريعية تعيد بناء قطاعه الأهلي والمدني.‏

الجلسة الثانية:‏

ترأس الجلسة الثانية وعنوانها "البعد الديني للتنمية الإنسانية" القاضي أحمد الزين، الذي أكّد أن التنمية لا بد لها من أن تبدأ من الإيمان بالله، نظراً لأن كرامة الإنسان تصان بما جاء به الدين من قيم العدالة والحرية والمساواة، ولا سيّما أن الدين المسخّر لخدمة الإنسان يستوجب أن تأتي الشرائع والعلوم والقوانين لخدمة الإنسان وكل الناس.‏

الدكتور صديقي‏

انطلق الدكتور صديقي من أهمية القرآن الكريم في حياة المسلمين، "لكونه استطاع أن ينفذ.. إلى خلق منهج للحياة بأوسع معانيها في كل ظروفها التاريخية والحضارية، ولكونه استوعب ويستوعب الكثير من الدراسات التي تصب في مجرى الحياة الإنسانية، وتفتح مجالاً أمام العقل العربي".‏

ثم ركّز على مبدأ العدالة الذي ينعكس على الكون كله وعلى الإنسان وعلى أهمية إعمال العقل والفكرة، والذي أثبت في مرحلة ما من التاريخ الإسلامي قدرته على تشييد الإبداع وعلى الإسهام في الحضارة الإنسانية.‏

الشيخ زراقط:‏

وتحت عنوان "التنمية الإنسانية رؤية للتكامل على ضوء القرآن"، استعرض الشيخ محمد حسن زراقط مفهوم التنمية وتطوره وصولاً إلى التعريف الذي تبنته الأمم المتحدة في تقاريرها، وذكر علاقة مفهوم التنمية بالدين وأهمية تجديد الخطاب الديني، مؤكداً أنّ الأخير لا يتحمل منفرداً مسؤولية التخلف.‏

استعرض المحاضر المنطلقات القرآنية للتنمية ومجالاتها، ثم الأدوات والوسائل وصولاً إلى الأهداف والغايات. واستنتج أنّ الإنسان المعاصر أضاع الطريق وقلب الأدوات إلى أهداف في عصر العولمة وغلبة رأس المال.‏

بيتر دولا‏

تحت عنوان الدين والتاريخ والجمعيات غير الحكومية، حاضر بيتر دولا منسق لجنة المانونايت المركزية في العراق، مستهلاً بالاشارة إلى أن التنمية كما التاريخ هما حركتان نحو الأمام ونحو الأفضل، وأنّه بالمفهوم الأوروبي التاريخ هو أنّ أوروبا تعني "الآن"، وأنّ كل ما هو ليس أوروبياً يعني "ليس بعد"، ودلالات ذلك تمتد إلى ثنائيات الحداثة والتقليدية، العقلانية والخرافة، المتقدم والمتخلف.‏

وعن دور الجمعيات غير الحكومية يرى الباحث أنها تتحسس مشاكل الناس، ولا تدعي امتلاكها للإجابات، بل تبحث عن الجواب عند الناس، منبهاً إلى أهمية دور الجمعيات الوطنية، وإلى محاذير أن تتدرب المنظمات المحلية على كيف يمكنها أن تصبح غربية.‏

المطران جورج خضر‏

ورأى المطران خضر أن الدين ليس هو المنتج الوحيد للتطور ولا أنه العائق، فالعناصر المكونة لحياة الجماعة كثيرة، والدين ليس واحداً منها.. لأنه حتى في الحياة الشخصية تأتي كلمة الله إلى الإنسان متصلة بيومياته ومتصلة بأهله وأصدقائه. وهذا يفترض بنا أن نفكك الواقع المعقد إلى مكوناته، وأن ندرسها بعلاقاتها بعضها بالبعض الآخر.‏

وختم داعياً إلى تنمية كل البلدان مشرقاً ومغرباً، وإلى أن "أحافظ عليك وتحافظ عليّ بكل مودة، كما أنا وكما أنت، لأننا إذ ذاك نحفظ الله".‏

وتابع المؤتمر أعماله في جلسة مسائية تركزت على التنمية الإنسانية في فكر الإمام الصدر وتجربته. وكانت برئاسة القاضي عباس الحلبي، وتحدث فيها الدكتور ساسين عساف عن التنمية الأخلاقية في فكر الإمام، والدكتور غسان طه عن المعرفة والتنمية عند الإمام الصدر، والأستاذ رائد شرف الدين عن نموذج التنمية الشاملة في تجربة الإمام الصدر.‏

وختم المؤتمر أعماله نهار السبت ببرنامج خاص مع السيد محمد خاتمي الذي يرعى افتتاح معرض "موسى الصدر.. الإمام الرؤيوي"، الذي أقامه الفنان جورج الزعني في حديقة بلدية الغبيري في الرابعة من عصر يوم السبت.‏

2006-10-30