ارشيف من : 2005-2008
طريق حضور القلب(*)
أيها العزيز، إن كنت تؤمن بما ذكر بما أنه قول الأنبياء عليهم السلام وهيأت نفسك لتحصيل السعادة وسفر الآخرة، وعلمت بلزوم حضور القلب الذي هو مفتاح كنز السعادة، فطريق تحصيله أن ترفع أولاً موانع حضور القلب، وتنحّي الأشواك عن طريق السلوك بجذورها.. وبعد رفع الموانع تقدم على تحصيل حضور القلب.
أما موانع حضور القلب في العبادات فهي تشتت الخواطر وكثرة الواردات القلبية، وهذه ربما تحصل من الأمور الخارجية ومن طرق الحواس الظاهرية، كأن يسمع السمع في حال العبادة شيئاً يتعلق الضمير به، ويكون مبدأ للتخيلات والتفكرات الباطنية فيه الواهمة والمتصرفة، فيطير الخيال من غصن إلى غصن.
أو أن عين الإنسان ترى شيئاً يكون منشأ لتشتّت الخاطر وتصرف المتصرفة، أو أن سائر حواس الإنسان تدرك شيئاً فتحصل منه انتقالات خيالية. وطريق علاج هذه الأمور ـ وإن كان العلماء ذكروا أن العلاج هو رفع هذه الأسباب، مثل أن يصلي الإنسان في غرفة مظلمة أو مكان خال، ويغضّ عينه ولا يصلي في المواضع التي تجلب النظر، كما نقله الشهيد السعيد الجبعي رضوان الله عليه حيث قال: "كان المتعبدون يتعبدون في بيت صغير مظلم سعته بقدر ما يمكن الصلاة فيه، ليكون أجمع للهمّ" ـ ولكن من المعلوم أن هذا لا يرفع المانع ولا يقلع المادة، لأن العمدة هي تصرّف الخيال، فإن الخيال يعمل عمله بحصول منشأ جزئي له، بل ربما يكون تصرف الخيال والواهمة في البيت المظلم والصغير وفي حال الوحدة أكثر، ويتمسكان لأجل الدعابة واللهو بمبادئ أخرى، فيتوقف حينئذ قلع المادة بالكلية على إصلاح الخيال والوهم ـ ونحن نشير بعد ذلك اليه ـ نعم هذا النحو من العلاج ربما لا يكون في بعض النفوس بلا تأثير، وخالياً من الإعانة، ولكننا بصدد العلاج القطعي، ونطلب السبب الحقيقي للقلع، وهو لا يحصل بما ذُكر.
(*) من كتاب "الآداب المعنوية للصلاة" للإمام الخميني (قده)
الانتقاد/ نور الولاية ـ العدد 1161 ـ 12 أيار/مايو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018