ارشيف من : 2005-2008

نور الولاية:الحفاظ على العبادة من تصرف الشيطان

نور الولاية:الحفاظ على العبادة من تصرف الشيطان

من الآداب المهمة القلبية للصلاة وغيرها من العبادات الحفاظ عليها من التصرفات الشيطانية، وهو في الوقت نفسه من أمهات الآداب القلبية، والقيام به من عظائم الأمور ومشكلات الدقائق، ولعل الآية الشريفة في وصف المؤمنين الذين هم على صلواتهم يحافظون، اشارة الى جميع مراتب الحفظ التي تكون احداها بل أهمها الحفاظ عليها من تصرفات الشيطان.‏

وتفصيل هذا الإجمال أن من الواضح عند أصحاب المعرفة وأرباب القلوب أنه كما أن للابدان غذاءً جسمانياً تتغذى به، ولا بد أن يكون الغذاء مناسباً لحالها وموافقاً لشأنها حتى تتيسر لها التربية الجسمانية والنمو النباتي، كذلك فإن للقلوب والأرواح غذاءً لا بد أن يكون مناسباً لحال كل منها، موافقاً لنشأتها كي تتربى به وتتغذى منه وتنمو نمواً معنوياً وتترقى ترقياً باطنياً. والغذاء المناسب لنشأة الأرواح هو المعارف الإلهية اعتباراً من مبدأ المبادئ للوجود الى منتهى النهاية للنظام الوجودي كما قال أعاظم أرباب الصناعة الفلسفية في تعريف الفلسفة "هي صيرورة الإنسان عالماً عقلياً مضاهياً للعالم العيني في صورته وكماله". وهذا القول إشارة الى هذا التغذي من المعارف الالهية، في حين أن تغذي القلوب يستمد من الفضائل والمناسك الإلهية.‏

وليعلم أن كلاً من هذه الأغذية اذا خلص من تصرف الشيطان، وأعد على يد الولاية للرسول الخاتم وولي الله الأعظم صلوات الله عليهما وآلهما يتغذى الروح والقلب منه، وينالان الكمال اللائق بالانسانية، ويعرجان معراج القلوب الى الله، ولا يحصل الخلاص من تصرف الشيطان الذي هو مقدمة للاخلاص بحقيقته الا أن يكون السالك في سلوكه طالباً لله. ويضع حب النفس وعبادتها الذي هو المنشأ للمفاسد كلها وأمُّ الأمراض الباطنية تحت قدميه، وهذا لا يتيسر بتمام معناه في غير الانسان الكامل وبتبعيته في خُلّص أوليائه، وأما سائر الناس فغير ميسّر لهم هذا الخلاص، ولكن على السالك ألاّ ييأس من الألطاف الباطنية لله سبحانه، فإن اليأس من روح الله رأس كل برودة وفتور ومن أعظم الكبائر.‏

فعلى سالك طريق الآخرة لزوماً حتماً أن يخلص معارفه ومناسكه من تصرف الشيطان والنفس الأمارة مهما بلغ من الجهد، وأن يغوص في حركاته الباطنية، وتغذياته الروحية، ولا يغفل عن حيل النفس والشيطان وحبائل النفس الامارة وإبليس، وأن يسوء ظنه سوء الظن الكامل في جميع حركاته وأفعاله، ولا يخلي نفسه على رسلها فربما تتغلب على الإنسان وتصرعه اذا تسامح معها وتسوقه الى الهلاك والفناء.‏

من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني (قده)‏

الانتقاد / العدد 1143 ـ 6 كانون الثاني/ يناير 2006‏

2006-10-30