ارشيف من : 2005-2008
نور الولاية:العبادة كحجاب(*)
ربما تجد في أهل العبادة والمناسك، والمواظبين على الآداب والسنن أشخاصاً جعلت العبادة والنسك ـ التي هي رأس مال اصلاح الاحوال والنفوس ـ قلوبهم كدرة ومظلمة، وحملتهم على العُجب ورؤية النفس والكبر والتغمّز وسوء الظن في عباد الله، وهذا كله أيضاً من عدم المواظبة على هذه المعاجين الالهية، ومن المعلوم أن معجوناً هُيئ وأعدّ بيد العفريت الخبيث وبتصرف النفس الطاغية لا يتولد منه الا الخلق الشيطاني، وحيث ان القلب يتغذى من تلك الأغذية على أي حال وتصير الأغذية صورة باطنية للنفس، فبعد أن يداوم عليها مدة يصير الانسان وليداً من مواليد الشيطان قد تربى بيد تربيته، ونشأ ونما تحت تصرفه، فإذا أغمضت عينه الملكية وانفتحت عينه الملكوتية يرى نفسه واحداً من الشياطين، فلا نتيجة في تلك الحال سوى الخسران، ولا تغني عنه الحسرات والندامات شيئاً.
فسالك طريق الآخرة في كل مسلك من المسالك الدينية، وفي كل طريق من الطرق الالهية عليه:
أولاً : أن يواظب بكمال المواظبة والدقة على حاله كطبيب رفيق ورقيب شفيق، ويفتش بالدقة عن عيوب سيره وسلوكه.
ثانياً: ألاّ يغفل في خلال هذه المراقبة والتفتيش عن التعوذ بالذات المقدسة الحق جلّ وعلا في خلواته، والتضرع والاستكانة الى جنابه الأقدس ذي الجلال.
اللهم انك تعلم ضعفنا ومسكنتنا، وتعلم أنا لا نستطيع الهرب من هذا العدو القوي القدير الذي قد طمع في السلطة على الأنبياء العظام والكمّل من الأولياء الرفيعي المقام، فإن فقدنا بارقة لطفك ورحمتك أوقعنا هذا العدو القوي في مصارعتنا إياه الى أرض الهلاك والدمار، وكنّا تائهين في الظلمة والشقاوة، فأسألك بالخاصة في جنابك والمحارم في حضرتك أن تأخذ بيدنا نحن المتحيرين في وادي الضلالة، والحائرين في صحراء الغواية، وأن تطهر قلوبنا من الغلّ والغش والشرك والشك، انك ولي الهداية.
(*) من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني (قده)
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018