ارشيف من : 2005-2008
من شعر الغدير
روي عن الامام الإمام الباقر (ع) أنه قال: "لم يُنادَ بشيء ما نودي بالولاية يوم الغدير".
في يوم الغدير تنزَّل الأمر الإلهي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبلغ أمته ولاية علي (عليه السلام)، وينصبه لها إماماً ويأخذ منها له البيعة على حبه وطاعته.
ومنذ ذلك اليوم انغرست في قلوب شيعة علي (عليه السلام) شجرة الولاية، وصار الغدير سقياً مقدساً لها في كل العصور. وصار يوم عيد وسرور لاوليائه..
تميَّزت بيعة الغدير باهتمام خاص من أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم في كل الأجيال. واهتم علماء مذهب أهل البيت (عليهم السلام) برواية هذه الواقعة ونشرها والتأليف فيها بصورة مفصلة. وصاغتها قرائح الشعراء، جيلا بعد جيل، قصائد عصماء تَغَنّى بها الموالون على مرِّ الأيام ولا يزالون. من هؤلاء الشعراء على كثرتهم الكثيرة، سنختار أربعة منهم فقط، لنقف معهم على شمَّةٍ ضئيلة من حدائقهم الغنّاء. وهم:
حسان بن ثابت
حسان بن ثابت شاعر رسول الله(ص) هو أول من نظم في واقعة الغدير. ألقى قصيدته في ذاك المحتشد الرهيب، الحافل بمئة ألف أو يزيدون، بمسمع من أفصح من نطق بالضاد (ص)، وقرظه بقوله: لا تزال يا حسان مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك. أنشد يقول:
يناديهم يوم الغدير نبيهم
بخم وأسمع بالرسول مناديا
فقال: فمن مولاكم ونبيكم؟ فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت نبينا
ولم تلق منا في الولاية عاصيا
فقال له: قم يا علي؟ فإنني رضيتك من بعدي إماما وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا له أتباع صدق مواليا
هناك دعا اللهمّ والِ وليه
وكن للذي عادا علياً معاديا
السيد الحميري
يروي العلامة المجلسي في "بحار الأنوار" عن الإمام علي بن موسى الرضا(ع) أنه رأى السيد الحميري واقفاً بين يدي رسول الله(ص) وهو يقرأ القصيدة المذكورة أعلاه. فلما فرغ السيد منها التفت النبي إلي وقال لي: يا علي بن موسى؟ احفظ هذه القصيدة ومر شيعتنا بحفظها وأعلمهم: إن من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له الجنة على الله تعالى.
عجبت من قوم أتوا أحمدا
بخطة ليس لها موضع
قالوا له: لو شئت أعلمتنا
إلى من الغاية والمفزع
إذا توفيت وفارقتنا
وفيهم في الملك من يطمع
فقال: لو أعلمتكم مفزعا
كنتم عسيتم فيه أن تصنعوا
صنيع أهل العجل إذ فارقوا هارون فالترك له أوسع
وفي الذي قال بيان لمن
كان إذا يعقل أو يسمع
ثم أتته بعد ذا عزمة
من ربه ليس لها مدفع
بلغ وإلا لم تكن مبلغا
والله منهم عاصم يمنع
فعندها قام النبي الذي
كان بما يأمر به يصدع
يخطب مأمورا وفي كفه
كف علي ظاهر تلمع
رافعُها أكرم بكف الذي
يَرفع والكف الذي تُرفع
يقول والأملاك من حوله
والله فيهم شاهد يسمع:
من كنت مولاه فهذا له
مولى فلم يرضوا ولم يقنع
فاتهموه وحَنَتْ فيهم
على خلاف الصادق الأضلع
وضل قوم غاضَهم فعله
كأنما آنافهم تُجدَع
حتى إذا واروه في لحده
وانصرفوا عن دفنه ضيّعوا
ما قال بالأمس وأوصى به
واشتروا الضر بما ينفع
ابن الرومي
وله في مودة ذوي القربى من آل الرسول صلوات الله عليه وعليهم أشواط بعيدة، واختصاصه بهم ومدائحه لهم ودفاعه عنهم من أظهر الحقائق الجلية، وقد عدّ من شعراء الإمام الحسن العسكري صلوات الله عليه.
يا هند لم أعشق ومثلي لا يرى عشق النساء ديانة وتحرُّجا
لكن حبي للوصي مُخيم
في الصدر يسرح في الفؤاد تَولُجا
فهو السراج المستنير ومن به
سبب النجاة من العذاب لمن نجا
وإذا تركت له المحبة لم أجد
يوم القيامة من ذنوبي مَخرجا
قل لي: أأترك مستقيم طريقةٍ
جهلا وأتّبع الطريق الأعوجا؟!
وأراه كالتبر المصفى جوهرا
وأرى سواه لناقديه مُبهرجا
ومحله من كل فضلٍ بين
عالِ محلِ الشمس أو بدر الدُجا
قال النبي له مقالا لم يكن
يوم (الغدير) لسامعيه مُمَجمجا: من كنت مولاه فذا مولى له
مثلي وأصبح بالفخار متوجا
وكذاك إذ مَنع البتول جماعةً خطبوا وأكرمه بها إذ زوجا
وله عجائب يوم سار بجيشه
يبغي لقصر النهروان المخرجا
ردت عليه الشمس بعد غروبها بيضاء تلمع وَقِدَةً وتأجُجا
الأمير أبو فراس الحمداني
إذ قال يوم (غدير خم) معلنا من كنت مولاه فذا مولاهُ
هذا وصيته إليه فافهموا
يا من يقول بأن ما أوصاهُ
أقْرُوا من القرآن ما في فضله وتأملوه وافهموا فحواهُ
لو لم تنزل فيه إلا هل أتى
من دون كل منزل لكفاه
من كان أول من حوى القرآن من لفظ النبي ونطقه وتلاه؟!
من كان صاحب فتح خيبر؟ من رمى بالكف منه بابه ودحاه؟!
من عاضد المختار من دون الورى؟ من آزر المختار؟ من آخاه؟!؟!
من بات فوق فراشه متنكرا
لما أطل فراشه أعداه؟
من ذا أراد إلهنا بمقالهِ: "الصادقون القانتون" سواه؟!
من خصه جبريل من رب العلى بتحية من ربه وحَبَاه؟!
أظننتم أن تقتلوا أولاده ويظِلّكم يوم المعاد لواه؟!
أو تشربوا من حوضه بيمينه كأسا وقد شرب الحسين دماه؟!
قد قال قبلي في قريضٍ قائلٌ:
ويل لمن شفعاؤه خُصَمَاه
أنسيتم يوم الكساء وإنه
ممن حواه مع النبي كساه؟!
يا رب إني مهتد بهداهم
لا أهتدي يوم الهدى بسواه
أَهْوى الذي يَهْوى النبي وآلُه أبدا وأَشنأُ كل من يَشناه
مختارات/ العدد 1145 ـ 20 كانون الثاني/ يناير 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018