ارشيف من : 2005-2008

في علاج حب الدنيا (*)

في علاج حب الدنيا (*)

اعلم أن القلب بحسب فطرته وجبلته اذا تعلّق بشيء وأحبه يكون ذاك المحبوب قبلة لتوجّهه، وإن شغله أمر ومنعه عن التفكر في حال المحبوب وجمال المطلوب فبمجرد أن يخف الاشتغال ويرتفع ذلك المانع يطير القلب شطر محبوبه فوراً ويتعلق بذيله، فأهل المعارف وأرباب الجذبة الالهية اذا كانت قلوبهم قوية وصاروا متمكنين في الجذبة والحب فيشاهدون في كل مرآة جمال المحبوب، وفي كل موجود كمال المطلوب، ويقولون: "ما رأيت شيئاً الا ورأيت الله فيه ومعه".‏

وأن سيدهم ان قال "ليُران على قلبي واني لاستغفر الله في كل يوم سبعين مرة" انما ذلك لأجل أن مشاهدة جمال المحبوب في المرآة خصوصاً المرائي الكدرة، كمرآة ابي جهل هي بنفسها موجبة للكدورة في قلوب الكمّل، واذا كانت قلوبهم غير قوية ويكون الاشتغال بالكثرات مانعاً عن الحضور، فبمجرد أن يخف الاشتغال تطير قلوبهم إلى وكر القدس وتتعلق بجمال الجميل. والطالبون لغير الحق أيضاً الذين هم عند أهل المعرفة كلهم طالبون للدنيا فما يكون مطلوباً لهم فهم يتوجهون اليه ويتعلقون به، فهؤلاء ان كانوا مفرطين في حب محبوبهم ويكون حب الدنيا آخذاً بمجامع قلوبهم فلا ينسلبون عن التوجه اليه في وقت، ويعيشون مع جمال محبوبهم على كل حال ومع كل شيء، وأما اذا كان حبّهم للحق قليلاً فقلوبهم في وقت الفراغ ترجع إلى محبوبها، وأما الذين يكون في قلوبهم حب المال والرياسة والشرف فأولئك يشاهدون مطلوبهم في المنام أيضاً، ويتفكرون في محبوبهم في يقظتهم، وما داموا يشتغلون بالدنيا فهم يعتنقون محبوبهم، فإذا حان وقت الصلاة وحصل للقلب فراغ فإنه يتعلق بمحبوبه فوراً، فكأنما تكبيرة الإحرام هي مفتاح دكان أو رافعة للحجاب بينه وبين محبوبه، فيتنبه وقد سلم في صلاته، وما توجه اليه أصلاً، وهو في جميع الصلاة كان معتنقاً فكر الدنيا.‏

(*) من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني (قده)‏

الانتقاد/ نور الولاية ـ العدد 1167 ـ 23/6/2006‏

2006-10-30