ارشيف من : 2005-2008
في طريق تحصيل حضور القلب(*)
اذا عرفت الآن فضيلة حضور القلب وخواصه عقلاً ونقلاً، وفهمت الأضرار الكبيرة في تركه، فلا يكفي العلم وحده، بل يجعل الحجة عليك أتم، فشمّر عن ذيل الهمّة، وكن في صدد تحصيل ما علمته، وأخرج علمك إلى مرحلة العمل كي تستفيد منه وتربح، فتفكر قليلاً في أن قبول الصلاة شرط لقبول سائر الأعمال بحسب أحاديث أهل بيت العصمة عليهم السلام، الذين هم معادن الوحي، وإن أقوالهم وعلومهم من الوحي الالهي والكشف المحمدي صلى الله عليه وآله وسلم، وإن الصلاة اذا لم تكن مقبولة فلا ينظر إلى سائر الأعمال أصلاً، وإن قبول الصلاة بإقبال القلب، فلو لم تكن الصلاة مشتملة عليه فهي ساقطة من درجة الاعتبار، ولا تليق بمحضر الحق تعالى، ولا تقبل كما علم ذلك من الأحاديث السابقة، فمفتاح خزينة الأعمال وباب أبواب جميع السعادات حضور القلب فيه يفتح باب السعادة للإنسان، ومن دونه تسقط جميع العبادات من درجة الاعتبار. فالآن تفكّر قليلاً قليلاً بنظر الاعتبار، وانظر بعين البصيرة أهمية المقام وعظمة الموقف، وقم بالأمر بجدّ تامّ، فإن مفتاح باب السعادة وأبواب الجنة، ومفتاح باب الشقاوة وأبواب جهنم، لفي جيبك في هذه الدنيا، فتستطيع أن تفتح أبواب الجنة والسعادة لنفسك، وتستطيع أن تكون على خلاف ذلك، فزمام الأمر بيدك، ولله الحجة البالغة قد هدى سبيل السعادة والشقاوة، وأعطى التوفيقات الظاهرية والباطنية، فما منه تعالى ومن أوليائه فقد تمّ، وإنما الآن فرصتنا في الإقدام، فإنهم الهادون إلى الطريق ونحن السائرون فيه، إنهم قضوا ما عليهم على الوجه الأحسن ولم يتركوا لنا عذراً ولم يقصروا ولو لمحة، فانتبه أنت أيضاً من نومك واطوِ طريق السعادة، واستفد من عمرك وقوتك، فإن الوقت اذا انقضى وفاتك العمر الحاضر والشباب الموجود وفقدت كنز القدرة والقوة فلا ينجبر أبداً، فإن كنت الآن في عهد الشباب فلا تؤخر أمرك إلى الشيب، فإن للشيب مصائب لا يعلمها الا الشيب، وأنت في غفلة عنها، ان الاصلاح في حال الشيب والضعف لمن الأمور الصعبة جداً، وان كنت شايباً فلا تدع بقية العمر تفوت منك، فإنك ما دمت في هذا العالم فلك طريق إلى السعادة، ولك منها باب مفتوح، فلا سمح الله اذا أغلق هذا الباب وانسدّ هذا الطريق فيخرج زمام الاختيار من يدك، ولا يبقى لك نصيب سوى الحسرة والندامة والأسف على ما مضى من أمرك.
(*) من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني (قده)
الانتقاد/ نور الولاية ـ العدد 1160 ـ 5 أيار/مايو 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018