ارشيف من : 2005-2008

د. نعيم يتحدث لـ"العهد" عن كتابيه الأخيرين:أسعى لتبيان المضمون القرآني للعبادات السلوكية

د. نعيم يتحدث لـ"العهد" عن كتابيه الأخيرين:أسعى لتبيان المضمون القرآني للعبادات السلوكية

"معايير السلوك ـ وفق منهجي التوحيد والشرك" و"مسيرة الزمان حتى صاحب الزمان (عج)" كتابان جديدان للباحث د. بلال نعيم صدرا حديثاً عن دار الهادي بيروت ـ فيهما يتابع نعيم مسيرته الكتابية التي يتجه خلالها نحو دراسة وتحليل الموضوعات الدينية بأبعادها الغيبية والعرفانية، محاولاً استنطاق النصوص الدينية (القرآنية وأحاديث الرسول(ص) وأهل البيت عليهم السلام) لتشييد رؤيته المعرفية النظرية وتطبيقاتها العملية.‏

هنا حوار مع د. بلال نعيم حول كتابيه الأخيرين:‏

ـ نبدأ أولاً "بمعايير السلوك وفق منهجي التوحيد والشرك" ماذا تحدثنا عن تجربة الكتابة في هذا الكتاب ذات الطابع السلوكي؟‏

من خلال قراءتي للقرآن لاحظت أن ثمة مؤشرات في مجال التقويم بين الجنة والنار أو بين الشرك والتوحيد، وكنت أرى أن هذه المؤشرات ذات طابع سلوكي وليست مقتصرة على الاعتقاد، فنحن نسأل مثلاً من هو المشرك؟ ونجيب عادة هو ذلك الذي يعبد غير الله، لكن الله عبّر في القرآن الكريم عن المشرك بأنه الانسان الذي يعبد هواه أو الذي لا يؤدي الزكاة.‏

ثمة مؤشرات ذات طابع سلوكي، عندما اقتربت أكثر من هذه السلوكيات لاحظت ان هذه السلوكيات بمعظمها ذات طابع اجتماعي لها علاقة بالتعامل مع الناس، خصوصاً من أمر الله بيده أو صلته أو رعايته مثل الأهل والأيتام والمساكين والأقارب. وبدأت بتجميع هذه المؤشرات وربطها بما ذكر في الروايات فتبين لي أن هناك منظومة من التكاليف الالهية ومقابلها يوجد منظومة من المنكرات، وكلتا المنظومتين ترتبطان بالقضايا السلوكية الاجتماعية، وتشيران إلى الحكم على الاعتقاد بين التوحيد والشرك، جمعت هذه المؤشرات وصنفتها وربطتها بما هو موجود في الروايات فتبين لي ان هناك انتصافاً في النظرة إلى الشريعة وأحكامها العبادية بحيث ان المتعارف عليه هو العبادات الفردية التي تنظم العلاقة بين الانسان وربه، اما القضايا بين الانسان والآخر فيتعارف عليها بأنها مجرد مستحبات أو آداب، وبالتالي هي خارج المنظومة الأساسية للعبادات، وكأن الانسان مخيّر فيها بين الفعل والترك، في حين أن النصوص كشفت وجود فرعين للعبادات، هما في مستوى واحد، وهما العبادات الفردية أو العبادات ذات الطابع الفردي. والعبادات ذات الطابع الاجتماعي، وهما في مستوى واحد، وكلاهما يشير الى التزام الفرد بالاسلام، وأيضاً الى اعتقاد الفرد بالاسلام.‏

ـ وبعد عملية التجميع ما هي الخطوة التالية التي اتبعتها؟‏

بعد التجميع للمؤشرات السلوكية قمت بتصنيفها فتبين لي ان منها ما هو سياسي ومنها ما هو اقتصادي مالي ومنها ما هو اجتماعي، جمعت المؤشرات المتشابهة ضمن عناوين موحدة، وذكرت الشواهد القرآنية والروائية في كل عنوان، وأصبح بالإمكان بعد ذلك ان يتم التنبه إلى تمامية العبادات الواجبة التي تدخل في الدين والمنكرات التي تخرج من الدين، وتبين لي فيما بعد ان هذه المؤشرات السلوكية متفرعة عن منظومة العدالة في الاسلام.‏

الأمر الثاني: ان مجموع المنكرات في الاسلام ليست في مستوى واحد، بل لكل منكر أثر بإزائه على بنيان الاسلام، وان اخطر هذه المنكرات ما له علاقة بعنوانين أساسيين: العنوان الأول هو: الصلاة وما يتفرع عنها من عبادات ذات طابع فردي.‏

والعنوان الثاني هو الزكاة وما يتفرع عنها من عبادات ذات طابع اجتماعي، من هنا تبين لي أهمية هذه الثنائية التي تم التأكيد عليها مراراً في القرآن "يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة"، ومن هنا نفهم هذه الخصوصية لصدقة الامام علي (ع) التي جاء ذكرها في القرآن "ويؤتون الزكاة وهم راكعون"، وهذا دليل آخر على هذا التلاحم بين هذه الثنائية.‏

ـ حاولت مقاربة الموضوع بشكل رياضي بإعطاء أوزان ومثاقيل للسلوكيات، واستعنت في كتابك ببعض الرسوم البيانية، هذا جديد ومختلف في معالجة المسائل الدينية..‏

هذه الوسائل التوضيحية كان هدفها تقريب الفكرة السابقة والأرقام المطروحة ليست حقيقية بطبيعة الحال، وقد اعتمدت هذا الأسلوب كي أظهر كيف يمكن أن يخرج الانسان من الدين ويكون مآله جهنم من خلال ارتكابه جرماً معيناً أو قيامه بسلوك معين مثال على ذلك: قتل المؤمن متعمداً، أكل مال اليتيم، الغش في المكاييل والموازين والكذب وغيرها من الذنوب.‏

ـ "في مسيرة الزمان حتى صاحب الزمان (عج)" تتحدث عن أقوام وعن محطات وحقبات تاريخية شهدت انتقام الله من الكافرين، وعن نصر الله للمستضعفين الذي يتوّج في نهاية المطاف بخروج الامام المهدي (عج) ماذا أردت أن تقول في هذا الكتاب؟‏

يلخص هذا الكتاب أهم المحطات التي مرّت بها البشرية والتي استمر بها وصولاً الى آخر الزمان، وهو محاولة لقراءة مجريات الأحداث بلغة السنن التي تعبر عن النظرة الاسلامية للتاريخ وللقواعد التي تتحكم بمجرياته بدءاً من نشوء الصراع على هذه الأرض مع ولدي آدم مروراً بالأمم الطاغية والطغاة، وصولاً الى محطة التشريع الأخيرة التي هي الاسلام مع ذكر طرفي الصراع: المفسدين والمصلحين، وكيف ان حركة الافساد تتمخض على أخطر ظاهرة وهي النفاق، وكيف أن حركة الصلاح تتمخض عن أعظم ظاهرة وهي الاسلام، وكيف تمت المواجهة بين هاتين الظاهرتين، ما سبب واقعة عاشوراء نتيجة لطغيان النفاق الذي أدى الى شهادة المعصوم ومن معه، وكيف أن التاريخ سيشهد مع مرور الزمن تراكماً لأتباع ظاهرة النفاق، وهما النواصب واليهود، وأيضاً تراكماً لحركة الصلاح في أتباع الاسلام المحمدي الأصيل، وكيف سيحصل الصراع من جديد على شاكلة عاشوراء، ولكن مع فارق أساسي وهو القضاء على النفاق وأهله وحاكميه، وانتصار الاسلام المحمدي الأصيل على يدي آخر حفيد للامام الحسين (ع) الذي هو الامام المهدي، ثم تناول البحث مقدمات هذه اللحظة النهائية للصراع التي ستنتهي بانتصار الحق، وكيف ان هذه المقدمات ستكون بأسباب طبيعية، ما يعني أن دور البشر وإرادة البشر في التهيئة لهذه اللحظة سيكون كبيراً، وهنا تم الحديث عن عموم البشر وما سيحصل معهم ويفرض عليهم توجهاً نحو الغيب والحق، وأيضاً عن خصوص المؤمنين الذين يشكلون عمدة الأنصار الذين يساهمون في نصرة الحق على الباطل، تمت الاشارة الى أهم مواصفاتهم كما تمت الاشارة الى أهم العلامات التي وردت في الروايات لتشير الى حصول هذه المحطة النهائية للصراع، وتم توزيع هذه العلامات بين بعيدة وقريبة ومباشرة، والتي يحسمها تشكل ظاهرة النفاق الأساسية (السفياني واليهود) والتي تفرض ضرورة ظهور خلاصة الحق الذي هو الامام المهدي (عج) ليتولى قيادة أهل الحق في صراعهم مع هذه الظاهرة، وليقضي عليها ويأخذ بيد البشرية نحو سطوع الحق وظهوره على الدين كله والدنيا كلها.‏

حاوره: ح.ن‏

2006-10-30