ارشيف من : 2005-2008
في الذكرى السابعة والعشرين للانتصار:راية المشرق تتجدد!
ورد ذكر الراية كمصطلح في الروايات عبّر عن الممهدين للمهدي(عج) في صيغة الانتظام والمأسسة، وليس على نحو الافراد والجماعات المحدودة، فالانصار في روايات عصر الظهور تارة تم الحديث عنهم كمواصفات للافراد وتارة اخرى كمواصفات وميزات للرايات، وتحديداً تم التركيز على راية هامة وأساسية وذات دور مركزي في عملية التمهيد سميت براية المشرق، وأحياناً براية الخراساني، وفي بعض الاحيان تم اطلاق اسم الرايات عليها، وقيل انها الرايات السود، ولعل الجمع هنا للدلالة على الأعداد الهائلة المنضوية تحتها في حين انها ترجع في قيادتها الى ولاية قائد واحد هو الخراساني الذي يلي مقدمة جيشه قائد عسكري يدعى شعيب بن صالح التميمي.
كما ان المقصود من الراية بالاضافة الى العدد هوية الجموع المنضوية تحتها، والتي تعني المبادئ والمرتكزات والمضمون الفكري والعقيدي لهذه الجموع، بما يعني ان هذه المبادئ هي التي تظلّل حركة الجماهير وتصنع الاطار النظري لفعلهم الجمعي.
ومن خصوصيات راية المشرق او الرايات السود انها اهم راية حق من ناحية التعبئة التي تؤسس لها في عملية التمهيد، ومن خصوصياتها ان رايتها بعد اعلانها لا تسقط ولا تنكسر وتبقى ترفرف الى ان تسلم بنفس المضمون وبنفس القوة الى صاحب الزمان(عج)، ولان لها الدور الطليعي في التمهيد لامام الزمان(عج) ولانها تمثل المنهج الموصل الى الخط الذي يربط بالامام المعصوم، ولانها تعبر عن اجتماع المؤمنين وتوحدهم في مسيرة الدفاع عن الحق وحمايته، لاجل ذلك كله اكد ائمتنا(ع) على ضرورة الالتحاق بهذه الراية والولاية لقائدها مهما كانت التحديات، لان فيها بحسب الروايات المنتظر المهدي عليه السلام. ومن الروايات ".. فأتوها ولو حبواً على الثلج".
وفي حال تم التأسيس على ان ما أنجزه الامام الخميني (قده) سنة (1399 هـ - 1979م) أي الثورة التي اعلنها والجمهورية التي أسسها هي المقصودة براية المشرق التي يطلب اهلها الحق فلا يعطونه فيقاتلون حتى يعطوه، وان فيها رجالاً اشداء، وأنهم يضعون سيوفهم على عواتقهم ولا يغمدونها، وأنهم يصبرون على الحق، وأنهم لا تسقط رايتهم حتى يصلوا الى الحق الذي ينشدون، في حال التأسيس على ذلك فإننا اليوم وبعد مرور سبعة وعشرين ربيعاً على الثورة، وهو العمر الذي يعني الرشد وتمام العقل بالنسبة للانسان، بعد مرور هذا الزمن نجد ان الراية تتجدد بعد ان كانت المراهنة عليها بأن تسقط، إما ان تسقط بالقوة، وقد جربت القوة في حرب ضروس ضدها وصمدت الثورة ولم تنكسر، وإما ان تسقط بتحولها الى دولة مع عدم القدرة على المواءمة بين روحية الثورة واستحقاقات الدولة، فكانت التجربة التي واءمت الى حدّ بعيد بين المفهومين دون انكسار لاحدهما او طغيان له على الآخر، وإما ان تسقط بالشعارات التي تستهوي الشباب وتحرف الناس عن خط الامام وتجعلهم يتأففون من الولاية ومن نظامها ومن رموزها، فإذا بالشعب الايراني ينزل الى الميدان في كل انتخابات، لا سيما الاخيرة منها، ليؤكد انه حارس النظام ومؤيده وداعمه، وأنه ينتمي اليه والى ومبادئه ونسقه الفكري وولايته الغراء، وأنه يكنّ بعظيم الولاء والطاعة والتبجيل لشخص ولي الامر السيد الخامنائي دام ظله. اذاً لم تسقط ايران بالحرب ولا باستحقاق بناء الدولة، ولا بتغيير الشعارات، ولا بدق الاسافين وبالتفرقة بين القيادة والشعب، وبعد ذلك كله جاءت الانتخابات الاخيرة لتزيل الغبار الذي حاول البعض ان يبثه على صورة الثورة الناصعة، وعلى الشعارات المبدئية التي طرحها الامام الخميني(قده) والتي لم ترُق الكثيرين من دعاة الانفتاح والعقلانية على اساس انها شعارات مرحلة عبرت، وأن المطلوب اليوم مع هذا الهجوم الكاسح لليبرالية الاميركية ان يتم تشريع الابواب امام الحوار مع اميركا حتى لو كان ذلك تحت السياط وفي مناخ من الاذلال والمهانة، ولم ينتبه هؤلاء بأن اميركا ومشروعها يتخبطان في العالم كله، فالخيار العسكري يتهاوى، والفوضى البناءة تترنح، والديموقراطية اصبحت وبالاً على الادارة الاميركية في العراق وفلسطين ولبنان، فأميركا هي المأزومة ومشروعها هو الذي يتخبط، فلماذا سنربط مستقبل أمتنا بهذا المارد الهرم، وهذا الجبل من الجليد الذي سرعان ما يذوب مع سطوع شمس الاسلام. اجل اليوم ومع كل الصعوبات التي تتعرض لها الجمهورية الاسلامية، ومع كل الاجتياحات العسكرية والسياسية والدبلوماسية للولايات المتحدة الاميركية، فإن الذي ينظر بعين البصيرة يصل الى النتيجة الواضحة بأن المشروع الاميركي في مأزق، والمشروع الاسلامي تنفتح امامه الخيارات، وها هي ايران الثورة تجدد ثوبها وتنفض غبارها وتسترجع شعاراتها، وبعد مرور اكثر من ربع قرن على انطلاقتها بما يشعرنا بالامل لان راية المشرق لم تسقط، وأنها لم يصبها الضعف والهوان، بل على العكس من ذلك ها هي الراية تتجدد وتتجدّد .. الى حين بلوغ الوعد المكتوب بتسليم ناصيتها الى صاحبها ورئيسها ومسدد مسيرتها الامام المهدي(عج).
د. بلال نعيم
الانتقاد/ ملف/ العدد 1148 ـ 10 شباط/ فبراير 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018