ارشيف من : 2005-2008
التطرف لا ينبت إلاّ التطرف..
بنظرة موضوعية يمكننا اعتبار نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول الأكرم (ص) في الصحف الدنمركية والنروجية وبعض الدول الأوروبية، استهدافاً للدين بشكل عام، أي لفكرة الدين, ومقدسات الدين وقيم الدين.. وعلى ذلك فالإسلام والمسيحية في خندق واحد الآن، وليسا في خندقين متواجهين.
المشكلة الواقعة اليوم هي مشكلة بين الدين والعلمانية الأوروبية، وليست بين الإسلام والمسيحية، فالعلمانيون الغربيون لم يوفروا المسيحية ولم يتوانوا عن السخرية من عذرية السيدة مريم (ع)، وتوهين شخصية السيد المسيح (ع)، وهما اللذان لا يذكرهما المسلمون إلا ويردفون اسميهما بعبارات التوقير والإجلال.
وفي هذا السياق يمكننا تذكّر الجهود الحثيثة التي بذلها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني لاعتبار المسيحية هوية لأوروبا الموحدة.. لكن جهوده ذهبت كما يعرف الجميع أدراج الرياح. المشكلة إذاً هي بين الدين واللادين. والمشكلة الأكبر والأخطر هي في كيفية معالجة الحكومة الدنمركية لهذه القضية، حيث رفضت مجرد استقبال وفد من سفراء الدول الإسلامية.
ثمة نوع من الإسفاف في معالجة هذه القضية الجوهرية، على عكس ما يحدث عادة إذا ما جرى التعرض ولو من باب الإشارة للمصالح الصهيونية.
إذا كانت الحجة أن الحكومات الغربية لا تدخل في عمل الصحافة، فلماذا لا يكون هناك نص يمنع التعرض للقيم والمقدسات الدينية، على غرار النص الذي يتعقّب ويعاقب اللاساميّة؟ أم أننا هنا نقع في منطقة منخفض حضاري لا يجدر الاكتراث بها كثيراً.
إن هذا المنطق هو الذي يعطي زخماً للفئات المتطرفة والمتعصبة, فالتطرف لا يقابله سوى التطرف، والتعصب لا ينبت إلاّ التعصب.
حسن نعيم
الانتقاد/ نقطة حبر ـ العدد 1148 ـ 10 شباط/فبراير 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018