ارشيف من : 2005-2008

الأنس بالحق وبذكره من أعظم المهمات

الأنس بالحق وبذكره من أعظم المهمات

ان الأنس بالحق وبذكره من أعظم المهمات ولأهل المعرفة بها عناية شديدة، وفيها يتنافس المتنافسون من أصحاب السير والسلوك، وكما أن الأطباء يعتقدون بأن الطعام اذا أكل بالسرور والبهجة يكون أسرع في الهضم، كذلك يقتضي الطب الروحاني بأن الانسان اذا تغذى بالأغذية الروحانية بالبهجة والاشتياق محترزاً من الكسل والتكلف يكون ظهور آثارها في القلب وتصفية باطن القلب بها أسرع.‏

وقد أشير إلى هذا الأدب في الكتاب الكريم الإلهي والصحيفة القويمة الربوبية حيث يقول في مقام تكذيب الكفار والمنافقين: "ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى، ولا ينفقون إلا وهم كارهون"، وقد فسرت آية "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى" في حديث بأن المراد من سكارى كسالى، وأشير في الروايات إلى هذا الأدب ونحن نذكر بعضاً منها كي تفخر هذه الأوراق به.‏

محمد بن يعقوب بإناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة".‏

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عليّ إنّ هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغّض إلى نفسك عبادة ربك".‏

وفي الحديث عن العسكري عليه السلام: اذا نشطت القلوب فأودعوها وإذا نفرت فودّعوها.‏

وهذا دستور جامع منه عليه السلام بأن أودعوا في القلوب في وقت نشاطها، وأما في وقت نفارها فخلّوها تستريح، فلا بد في كسب المعارف والعلوم أيضاً من رعاية هذا الأدب، وألا يحمل على القلوب اكتسابها مع الكراهة والنفور.‏

ويستفاد من هذه الأحاديث وأحاديث أُخر أدب آخر وهو أيضاً من المهمات في باب الرياضة، وهو أدب الرعاية.‏

وكيفيته أن يراعي السالك في أي مرتبة هو فيها في الأعم من الرياضيات والمجاهدات العلمية أو النفسانية أو العملية حاله، ويتعامل مع نفسه بالرفق والمداراة، ولا يحمّلها أزيد من طاقته وحاله، ورعاية هذا الأدب بالنسبة إلى الشباب وحديثي العهد من المهمات، فإنه اذا لم يعامل الشباب أنفسهم بالرفق والمداراة ولم يؤدوا الحظوظ الطبيعية إلى أنفسهم بمقدار حاجتها من الطرق المحللة يوشك أن يوقعوا في خطر عظيم لا يتيسر لهم جبره.‏

الانتقاد/نور الولاية ـ العدد 1151 ـ 03/03/2006‏

2006-10-30