ارشيف من : 2005-2008
في بيان النشاط والبهجة في العبادة
من الآداب القلبية للصلاة وسائر العبادات وله نتائج حسنة، بل هو موجب لفتح بعض الأبواب وكشف بعض أسرار العبادات، أن يجتهد السالك في أن تكون عبادته عن نشاط وبهجة في قلبه وفرح وانبساط في خاطره، ويحترز احتراز شديداً أن يأتي بالعبادة مع الكسل وإدبار النفس، فلا يكون لها تعب وفتور لأنه اذا حمل على النفس العبادة في حين الكسل والتعب، يمكن أن تترتب عليه لآثار السيئة ومنها:
أن يضجر الانسان من العبادة ويزيد تكلفه وتعسفه، ويوجب ذلك وبالتدريج تنفر طباع النفوس منها، وهذا مضافاً الى أنه من الممكن أن يصرف الانسان بالكلية عن ذكر الحق، ويؤذي الروح بالنسبة الى مقام العبودية التي هي منشأ لجميع السعادات، ينتج عنه ألا يحصل للعبادة بهذه الصفة نور في القلب، ولا ينفعل باطن النفس منها، ولا تصير صورة العبودية صورة باطنية للقلب، وقد ذكرنا من قبل أن المطلوب في العبادات هو صيرورة باطن النفس صورة عبودية.
والآن نقول:
ان من اسرار العبادات والرياضات ونتائجهما أن تكون إرادة النفس في ملك البدن نافذة، وتكون دولة النفس منقهرة ومضمحلة في كبريائها وتمتلك إرادة القوى المنبثّة والجنود المنتشرة في ملك البدن وتمنعها عن العصيان والتمرد والانانية والاستقلال، وتكون القوى مسلمة لملكوت القلب وباطنه، بل تصير القوى بالتدريج فانية في الملكوت. ويجري أمر الملكوت في الملك وينفذ فيه، وتقوى إرادة النفس وتخلع اليد عن الشيطان والنفس الامارة في المملكة، وتساق جنود النفس من الايمان الى التسليم ومن التسليم الى الرضا ومن الرضا الى الفناء. وفي هذه الحالة تجد النفس رائحة من أسرار العبادة، ويحصل لها شيء من التجليات الفعلية، وما ذكرنا لا يتحقق الا بأن تكون العبادة عن نشاط وبهجة، ويحترز فيها من التكلف والتعسف والكسل احترازاً تاماً كي تحصل للعابد حالة المحبة والعشق لذكر الحق ولمقام العبودية ويحصل له الانس والتمكن.
من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني (قده)
الانتقاد/ نور الولاية ـ العدد 1150 ـ 24 شباط/فبراير2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018