ارشيف من : 2005-2008
متى ينفتح باب القلب؟
إن علامة انفتاح لسان القلب أن يرتفع تعب الذكر ومشقته ويحصل النشاط والفرح، ويرتفع الملل والألم كشأن الإنسان اذا أراد أن يعلّم الطفل الذي لم يشرع في التكلم، فما دام الطفل لم يتعلم التكلم فإن المعلم يكون في تعب وملالة، فإذا انفتح لسان الطفل وأدّى الكلمة التي علّمها له ارتفعت ملالة المعلم، ويؤدي المعلم الكلمة تبعاً لأداء الطفل لها من دون ألم وتعب.
فالقلب أيضاً في أول الأمر طفل ما انفتح لسانه بالكلام، ولا بدّ له من التعليم، وأن تُلقّن له الأذكار والأوراد، فإذا انفتح لسان القلب يكون تابعاً له، وترتفع مشقة الذكر وتعب التعليم وملالة الذكر، وهذا الأدب بالنسبة إلى المبتدئين ضروري.
وليعلم أن من أسرار تكرار الأذكار والأدعية ودوام الذكر والعبادة انفتاح لسان القلب، فيكون القلب ذاكراً وداعياً وعابداً، وما دام لم يلاحظ الأدب المذكور لا ينفتح لسان القلب. وقد أشير إلى هذا المعنى في الأحاديث الشريفة، كما في الكافي الشريف عن الصادق عليه السلام، أن علياً عليه السلام قال في ضمن بيان بعض آداب القراءة: "ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة". وفيه أيضاً أن أبا عبد الله الصادق عليه السلام قال لأبي أسامة: "يا أبا أسامة، أوعوا قلوبكم ذكر الله واحذروا النكت".
وقد كان أولياء الله يلاحظون هذا الأدب حتى الكمّل منهم، كما في الحديث أن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام كان في صلاته فغشي عليه، فلما أفاق سُئل عن سببه فقال: ما زلت أردد هذه الآية على قلبي حتى سمعتها من المتكلم بها، فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته.
ورُوي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة يردد قوله تعالى: "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم".
وبالجملة فحقيقة الذكر والتذكر هي الذكر القلبي، أما الذكر اللساني فهو بدونه ذكر بلا لب وساقط عن درجة الاعتبار بالمرة، كما أشير إلى ذلك في الأحاديث الشريفة غير مرة.. فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأبي ذر: "يا أبا ذرّ، ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب لاهٍ (ساه)".
(*) من كتاب "الآداب المعنوية للصلاة" للإمام الخميني (قده)
الانتقاد/ نور الولايةـ العدد 1153 ـ 17 آذار/مارس 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018