ارشيف من : 2005-2008
في بيان التفهيم
من الآداب القلبية في العبادات ـ وخصوصاً العبادات الذِّكرية ـ التفهيم، وكيفيته: ان الإنسان يعدّ قلبه في أول الأمر كطفل ما انفتح لسانه، وهو يريد أن يعلّمه كلاً من الأذكار والأوراد والحقائق وأسرار العبادات بكمال الدقة والسعي، ويفهّم القلب الحقيقة التي أدركها في أي مرتبة هو فيها. فإذا لم يكن من أهل فهم معاني القرآن والأذكار وليس له نصيب من أسرار العبادات فيفهّم القلب المعنى الإجمالي، وهو أن القرآن كلام إلهي والأذكار مذكرات بالحق تعالى، والعبادات والطاعة إطاعة لأمر الربّ، ويفهم القلب هذه المعاني الإجمالية. وإن كان أهلاً لفهم المعاني الصورية للقرآن والأذكار فيفهّم القلب المعاني الصورية من الوعد والوعيد والأمر والنهي، ومن علم المبدأ والمعاد بالمقدار الذي أدركه.
وإن كشفت له حقيقة من حقائق المعارف أو كشف له سرّ من أسرار العبادات فيعلّم القلب ذاك المكشوف بجدّ واجتهاد، ونتيجة هذا التفهيم هو أنه بعد المواظبة بمدة ينفتح لسان القلب، ويكون القلب ذاكراً ومتذكراً. ففي أول الأمر كان القلب متعلماً واللسان كان معلماً، والقلب كان ذاكراً بذكر اللسان وتابعاً له في الذكر، وأما بعدما انفتح لسان القلب فيكون الأمر معكوساً، فيكون القلب ذاكراً أولاً ويتبعه اللسان في الذكر والحركة.
بل ربما يتفق أن الإنسان في حالة النوم يكون لسانه ذاكراً تبعاً للذكر القلبي، لأن الذكر القلبي لا يختصّ بحال اليقظة، فإذا كان القلب متذكراً يكون اللسان التابع له أيضاً ذاكراً، ويسري الذكر من ملكوت القلب إلى الظاهر.. "قل كلّ يعمل على شاكلته".
الانتقاد/ نور الولايةـ العدد 1152 ـ 10 آذار/مارس2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018