ارشيف من : 2005-2008
الشجاعة أولاً
يعيش الجنين داخل رحم أمه هانئاً سعيداً بلا توتر ولا قلق, فأمه تلبّي له كل احتياجاته.
إن حياته مثال للراحة المطلقة، حتى التنفس أمه تقوم بذلك عنه، وحتى الأكل أمه تأكل عنه.. إنه أمر مريح للغاية.. ولكن هل تراه يرغب في البقاء فيه؟ ربما.. ولكن السؤال يصبح أكثر دقةً وخدمة للفكرة إذا ما سألناه على الشكل التالي؟ هل يرغب الطفل في العودة إلى رحم أمه بعد أن يخرج؟
يأخذنا السؤال إلى سؤال أشمل وأعمّ هو: هل ينبغي لنا أن نخاف من المجهول؟
يمكننا أن نقارب الجواب، كل على طريقته وحسب نظرته.. لكن الثابت بيننا جميعاً أن لا حياة حقيقية مع الخوف, لأن هذه الحياة التي أنعم الله علينا بها مقرونة بفلسفة الابتلاء، الابتلاء الذي يعني التجريب والاختبار "لننظر كيف تعملون..". وعملياً لا نظرة من دون اختبار وتجريب ومجازفة.
إن حياتنا أشبه بسباحة في نهر، والسباحة في النهر تفترض أولاً وقبل كل شيء روح المجازفة وتحدي الأمواج.
يقول الشاعر العرفاني الكبير جلال الدين الرومي: إن الأمواج العالية للروح أعظم بألف مرة من طوفان نوح.
نحن مرغمون على المجازفة، لكنها مجازفة بلا شيء مقابل كل شيء، على حد تعبير أوشو.
إنها التضحية بأنانيتنا وحرصنا على مصالح وحاجات صغيرة قبالة التوغل الممتع في عالم المعنى الحقيقي للوجود.
أليس كلام أوشو السابق بمثابة الترجمة الأمينة لكلام الإمام الحسين (ع): "إلهي ماذا فقد من وجدك؟ وماذا وجد من فقدك؟".
حسن نعيم
الانتقاد/ نقطة حبر ـ العدد 1152 ـ 10 آذار/مارس 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018