ارشيف من : 2005-2008

في بيان حضور القلب

في بيان حضور القلب

من الآداب القلبية حضور القلب الذي يمكن أن يكون كثير من الآداب مقدمة له والعبادة بدونه ليس لها روح، وهو بنفسه مفتاح قفل الكمالات وباب أبواب السعادات، وقلّ ما ذكر في الأحاديث الشريفة شيء بهذه المثابة، وقلّ ما اهتمّ بشيء من الآداب كهذا الأدب، ونحن وإن ذكرنا في رسالة سر الصلاة، وهكذا في كتاب الأربعين، قدراً مستوفى منه، وبيّنا درجاته ومراتبه، ولكن نذكر في هذا المقام أيضاً شيئاً منه تتميماً للفائدة وتحرزاً عن الإحالة فنقول:‏

كما ذكرنا سابقاً بأن العبادات والمناسك والأذكار والأوراد إنما تنتج نتيجة كاملة اذا صارت صورة باطنية للقلب، وتخمّر باطن ذات الانسان بها، ويتصور قلب الانسان بصورة العبودية ويخرج عن الهوى والعصيان، وذكرنا أيضاً أن من أسرار العبادات وفوائدها ان تتقوى ارادة النفس وتتغلب النفس على الطبيعة، وتكون القوى الطبيعية مسخّرة تحت قدرة النفس وسلطتها، وتكون الارادة الملكوتية نافذة في ملك البدن بحيث تكون القوى بالنسبة إلى النفس كملائكة الله بالنسبة إلى الحق تعالى "لا يعصون الله ما أمرهم"، "وهم بأمره يعملون".‏

ونقول الآن: إن أسرار العبادات وفوائدها المهمة التي تكون بقية الفوائد مقدمة لها، أن تكون مملكة البدن بجميعها، ظاهرها وباطنها، مسخّرة تحت ارادة الله ومتحركة بتحريك الله تعالى، وتكون القوى الملكوتية والملكية للنفس من جنود الله، وتكون كلها كملائكة الله بالنسبة إلى الحق تعالى، وهذه من المراتب النازلة لفناء القوى والارادات في إرادة الحق، ويترتب على هذا بالتدريج النتائج العظيمة، ويكون الانسان الطبيعي إلهياً، وتكون النفس مرتاضة بعبادة الله، وتنهزم جنود ابليس بالمرة، وتنقرض ويكون القلب مع قواه مسلّماً للحق، ويبرز الاسلام ببعض مراتبه الباطنية في القلب، وتكون نتيجة هذا التسليم لإرادة الحق في الآخرة ان الحق تعالى ينفذ ارادة صاحب هذا القلب في العوالم الغيبية، ويجعله مثلاً لنفسه تعالى.‏

(*) من كتاب "الآداب المعنوية للصلاة" للإمام الخميني (قده)‏

الانتقاد/ نور الولاية ـ العدد 1154 ـ 24 آذار/مارس 2006‏

2006-10-30