ارشيف من : 2005-2008
مفخرة الطف
أقَرِّي فأحداقُ البريةِ ترقبُ
رسومَ الدياجي، والملائكُ تكتبُ
إذا ما بدا الدين الحنيف مشرعاً
فأيُ خطوبٍ مِن بروجِكِ تَقرَبُ
أعيدي شريط الذكريات وحدِّقي
بأزمنةٍ فيها الحُسامُ مُذرَّبُ
يجول بأجياد النساء مُبرِّحاً
فترقد في قعر الصَّغار وتندبُ
فكم شغلت في "الصين" أوضعَ منصبٍ
ولا سائلٌ عن شأنها حين تَغربُ
وكم أُحرقت في "الهند" بعد مماتها
ورغماً إلى الزوج الألوهةُ تُنسبُ
وفي كَنَفِ "اليونانِ" عاشت كسلعةٍ
تُباعُ وتُشرى، والكرامةُ تُسلَبُ
وفي مسرح "الرومان" غُيِّبَ دورُها
وآراؤها عُرضَ الجلامدِ تُضربُ
وفي "مصر" أمست للخطيئة علةً
ومصيدةَ الشيطان، للغَيِّ تُجذَبُ
وقد وُئدت في الجاهلية عَنوةً
ومولدُها ضربٌ من العار يُغضبُ
وما برحت للنائبات مطيةً
على مَجمرِ أحلامها تتقلبُ
فأشرقَ شرعُ الله يرفعُ بيرقاً
معالمُه صُنعَ الطَّغامِ يؤنِّبُ
يمزقُ ديجورَ الضلالِ شعاعُهُ
كلَيلٍ توارى حين أشرقَ كوكبُ
أتاكِ بألحانِ الحقوقِ وزَهوِها
صداها مساواةُ الخلائقِ يُعربُ
فهل كافأتْ كفَّاكِ حُسنَ بيانِهِ
أمِ القلبُ ثاوٍ، والمُحيا مقطبُ
لَعَمْرُكِ لا تحيا الشريعةُ دونما
فؤادٍ على إحيائها يتلهبُ
ألا هاكِ من شمسِ النبوة شعلةً
سناها بأفقِ المجدِ هيهاتَ يُحجبُ
هي الآيةُ الكبرى كريمةُ "فاطمٍ"
ومفخرةُ الطفِ العقيلةُ "زينبُ"
هي الطهرُ والأخلاقُ والعِزُّ والتُّقى
بصبرٍ جميلٍ روحُها تتجلبُ
غارت عليها الغائلاتُ إغارةً
فما وَهَنَت أو نالَ منها تغرُّبُ
ولا رهِبَت في كربلاءَ بوارقاً
تُنازلُ فرسانَ الجهادِ فتُغلبُ
يُبلسمُ جرحَ الارتياع ثباتُها
وإنَّ حسيناً مرتجاها ومَطلبُ
فحين رأتهُ بالدماء مُضَرَّجاً
وعيناهُ أنواءَ المَفازةِ تَسكُبُ
أطلَّت كطَيفِ "المرتضى" من خِبائها
وموجُ العدى أنظارُهُ تترقبُ
أطلَّت فما صرخَت مِلءَ الحناجرِ خيبةً
ولا مزَّقت ثوباً ليَبطَرَ مذنبُ
رنَتْ بلِحاظِ القلبِ أروقةَ السما
تناجي الإلهَ والتقبُّلَ تَطلُبُ
تقبَّلْ أيا ربَّ الأنامِ شهادةً
بأهدافها عُمرَ المدى نتقربُ
تُساقُ إلى الأنباذِ وهي سبيةٌ
يُكللها طودٌ من العزمِ أهيبُ
يذودُ عن الإسلام سِحْرُ خِطابِها
فتُخرِسُ فاهَ الكفرِ ساعةَ تخطبُ
مضى"ابنُ زيادٍ" معَ "يزيدَ" مُذَلَّلاً
وعادت إلى المجد المؤثَّل "يثربُ"
ويبقى صناديدُ الطفوفِ منارةً
ودنيا الإبا أُسْدَ الرسالةِ تُنجبُ
تُسطِّرُ في سُوحِ الجهادِ ملاحماً
سهامُ الطواغي بأسَها تتهيبُ
أُعَظِّمُ في أرضي مقاومةً حَوَتْ
قلوباً من الفولاذِ أقوى وأصلبُ
أيا مولداً بالبِشرِ دغدغَ مهجتي
فحلقتُ أشدو في الخيالِ وأَطرَبُ
لقد عَيِيَ الثغرُ المُفَوَّهُ مِدْحَةً
ولا غَرْوَ بادٍ فالوليدةُ "زينبُ"
عليكِ سلامُ اللهِ ما وُلدَ الضُّحَى
وما دامت الأرضُ الخصيبةُ تُعشبُ
عباس علي فتوني
الانتقاد/العدد 1154 ـ 24 آذار/مارس 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018