ارشيف من : 2005-2008

وفي الأربعين عَبرة و عِبرة

وفي الأربعين عَبرة و عِبرة

الدرس الكبير الذي تعطينا إياه المدرسة الحسينية هو الثبات على الحق مهما كانت الظروف قاهرة.‏

عاشوراء بهذا المعنى هي مسألة تطبيقية على كيفية الصبر والتحمل والثبات والالتزام بالحق مهما كانت النتائج المتوقعة مأساوية.‏

الكلام الآنف يدفعنا إلى التساؤل: هل كانت المعارف الإسلامية قبل عاشوراء نظرية، وكنا بانتظار واقعة عاشوراء حتى تجد تطبيقها العملي؟‏

لا يمكننا بأي حال الذهاب إلى هذا الحد المتطرف من الشطط الذي يجانب الحقائق التاريخية.‏

فأيام الإسلام الأولى شهدت بطولات وتضحيات هائلة للمسلمين الأوائل الذين جاهدوا وصبروا حتى ثبتوا بدمائهم أركان الدين الحنيف في شبه جزيرة العرب، ويكفي أن نذكر معارك بدر وأحد وحنين والخندق وعشرات المعارك التي صبر فيها المسلمون وحملوا لواء العقيدة متحدِّين أهل الجاهلية.‏

لكن درس عاشوراء كان جديداً في تنفيذ مقاصد الشريعة المباركة، فالحسين (ع) المشبع بتراث الإسلام وبمعنويات التوحيد كان عليه في لحظة امتحان إلهي عظيمة أن يقدم رأسه ورؤوس أبنائه وأصحابه، وأن يترك نساءه في صحراء الخوف والسبي.‏

لأنه الحسين الطالع من أكمام محمد (ص)، لأنه الحسين المرتّل لآيات الكتاب، المشغول بالذكر، العابق بأريج الوحي، المتسلسل من سلالات الأنبياء والصديقين والأتقياء، لأنه كل ذلك لم يكن بمقدوره إلاّ أن يكون كذلك، ولأننا بأمسّ الحاجة إلى الثبات حتى في حياتنا اليومية كانت عاشوراء أكبر درس من دروس الثبات الذي يقول فيه الشاعر: تعلمت منك ثباتي وقوة حزني وحيداً, فكم كنت في الطفوف وحيداً, ولم يك أشمخ وأنت تدوس عليك الخيول.‏

حسن نعيم‏

الانتقاد/ نقطة حبر ـ العدد 1154 ـ 24 آذار/مارس 2006‏

2006-10-30