ارشيف من : 2005-2008

آثار العبادة الحقيقية (*)

آثار العبادة الحقيقية (*)

يُعطى العبد السلطنة الالهية لأجل تركه إرادة نفسه وتركه سلطنة الهوى النفسانية وتركه اطاعة ابليس وجنوده، ولا تحصل كل من هذه النتائج المذكورة الا بالحضور الكامل للقلب، واذا كان القلب في وقت العبادة غافلاً وساهياً لا تكون عبادته حقيقية، بل تشبه اللهو واللعب، ولا يكون لمثل هذه العبادة أثر في النفس البتة، ولا تتجاوز العبادة من الصورة والظاهر الى الباطن والملكوت، كما أشير الى ذلك في الأحاديث، ولا تكون القوى النفسانية بمثل تلك العبادة مسلمة للنفس ولا تظهر سلطنة النفس لها، كذلك القوى الظاهرية والباطنية لا تكون مستسلمة لإرادة الله ولا تنقهر المملكة تحت كبرياء الحق كما هو واضح جداً، ولذا ترون أنه بعد مضيّ أربعين أو خمسين سنة لا يحصل أثر في أنفسنا، بل تزداد يوماً فيوماً ظلمة القلب، وتعصّي القوى، ويزيد اشتياقنا الى الطبيعة وإطاعتنا الأهواء النفسانية والوساوس الشيطانية آناً فآناً، وليس هذا كله إلا من جهة أن عباداتنا قشور بلا لبّ، وفاقدة للشرائط الباطنية والآداب القلبية، ولولا هذه الجهة ففي حين أننا نرى أن كتاب الله سبحانه قد نصّ على أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهذا النهي ليس صورياً البتة، بل لا بد أن يزهر مصباح في القلب ويضيء نور في الباطن يهدي الإنسان الى عالم الغيب، ويوجد زاجر الهي ينهى الانسان عن العصيان والتمرد، وها نحن أولاء نحسب أنفسنا في زمرة المصلين وقد مضت علينا سنون ونحن مشتغلون بهذه العبادة العظيمة ومع ذلك لا نرى في أنفسنا هذا النور ولا نجد في باطننا هذا الزاجر والمانع فالويل لنا يوم نعطى صور أعمالنا وصحيفة أفعالنا في ذلك العالم بأيدينا ويقال لنا "كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً"، وانظر هل تليق تلك العبادات بالقبول من جنابه، وهل هذه الصلاة مع هذه الصورة المشوّهة الظلمانية مقرّبة لك الى بساط الحضرة الكبريائية؟ وهل ينبغي لك أن تسلك مع هذه الأمانة الالهية ووصية الانبياء هذا السلوك، وهل يجوز أن تسمح للشيطان الرجيم الذي هو عدو الله أن يتدخّل فيها بيده الخائنة؟‏

(*) من كتاب "الآداب المعنوية للصلاة" للإمام الخميني (قده)‏

الانتقاد/ نور الولاية ـ العدد 1155 ـ 31 آذار/مارس 2006‏

2006-10-30